لاشك أن وجود الأسماك بكثرة في الشواطئ الحضرمية هو الحافز الأعظم لبعض مفكري الحضارمة في السعي وراء تأسيس شركة تجارية بمهجر الحضارمة (جاوة) من غايتها استغلال الثروة الوطنية وتنميتها بإنشاء مصنع لحفظ الأسماك في العلب وتصديرها فيما بعد إلى الخارج.
ولا غرو أن يهتم بالسفر إلى ميناء حضرموت (المكلا) رئيس الشركة السيد علي بن شهاب لدرس ما يقتضيه المشروع ورفع تقرير لأعضاء الشركة. غير أن المشروع أخفق في مسعاه ولا أعرف بالضبط ما هي الأسباب الموجبة لذلك.
وتاريخ هذه الخطوة التفكيرية الأولى يرجع إلى أثناء الحرب الماضية حرب (١٩١٤م) على ما أذكر.
ولئن أخفق هذا المشروع فإنه لم يقضِ على الفكرة أصلاً. وغاية ما في الأمر أنها تنبعث مرة وتخفت أخرى. حتى دبَّ إلى النفوس خير انعقاد مؤتمر الإصلاح الحضرمي المنعقد بسنغافورة في سنة ١٣٤٦ - ١٩٢٧ فانبعثت الفكرة مرة أخرى، ولكن في صورة واسعة النطاق. إذ وافق المؤتمر على تأسيس شركة تجارية حضرمية برأس مال كبير من غايتها استغلال الثروة الوطنية، ورشح لهذا القرار لجنة تتألف من أغنياء الحضارمة وسراتهم برئاسة المثري الشهير السيد عبد الرحمن بن شيخ الكاف. غير أن مقررات المؤتمر قضى عليها بجرة قلم ولم تكن هي من نصيب بحثناً لنوليها مزيداً من البحث والتعليل والتدليل.
ودليل آخر أضيفه إلى ما سبق أن أشرت إليه فقد حدثت بعد
عودتي إلى الوطن من الكنانة في ١١٨١٩٤٢ من رحلتي التي
استنفذت من العمر زهاء خمس عشرة سنة أن عظمة السلطان