[تقرير معالي وزير المعارف]
عن إصلاح التعليم في مصر
لأول مرة في تاريخ المعارف المصرية يصدر عن وزيرها تقرير كهذا
التقرير يجمع بين الرأي والعزيمة في تنفيذ خطة مرسومة لغاية
معلومة. ومن قبل كانت سياسة التعليم في مصر نمطاً من سياستها
العامة: سيراً على غير خطة، أو خطة إلى غير غاية. وكانت وزارة
المعارف على الأخص قد عاهت بالاستعمار فظل نباتها نكداً لا يغل
ولا يظل. وكان البانون على أثر دنلوب يحاولون أن يرفعوا البناء فلا
يرتفع، ويجهدون أن يدعموه بتقارير الخبراء ومباحث اللجان فلا
يندعم؛ ذلك لأنهم كانوا يبنون على أسس دنلوب وقواعده؛ وأسس
دنلوب وقواعده هي أولئك الموظفون المخضرمون الذين نشأهم
المستشار على آلية التعليم حتى صارت فيهم عقيدة، وأخذهم بروتين
النظام حتى أصبح لهم فطرة. فإذا كان القائم على أمور الوزارة قوياً
انطوت هذه الفئة انطواء القنافذ وتركوا النشاط للشباب ذوي العلم
والخبرة، فغيروا المناهج وقوموا الخطط ورسموا الغاية وبدلوا الكتب
وبدءوا التجربة. وإذا كان ضعيفاً بسطت سلطانها على كل إرادة،
ورجعيتها على كل تجديد، فاحتسبت الإرادات في الرءوس، واستقرت
الأنظمة في المكاتب، وعاد الدولاب القديم يدور دورانه البطيء
بالتأليف المريب لجواز الامتحان، والتعليم الفج لبلوغ الوظيفة. لذلك لم
يكن بد من قصور البنيان بين البناء والهدم، وتذبذب الإصلاح بين
الرأي والعزم، وعجز المدرسة المصرية عن تنشئة جيل يكون له مع