للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

أدعياء الأدب في الصحافة اليومية:

يأخذ على بعض القراء هذا العنف الذي ألقى به الحياة الأدبية فيما أكتب من تعقيبات؛ والواقع أنني لا ألجأ إلى هذا الاتجاه حباً فيه ولا ميلاً إليه، ولكن الحياة الأدبية هي التي تدفعني دفعاً إلى أن أسلك هذا الطريق وترغمني إرغاماً على أن أسير فيه! وما ذنبي إذا كنت أقع على أشياء تجافي الحق والذوق، وتصدم الخيال والواقع، وتخالف منطق الحياة والأحياء؟! وما ذنبي إذا مددت عيني إلى صحيفة من الصحف أو مجلة من المجلات فرأيت ناقداً يكتب في غير مجاله، أو أديباً يطمس الحقائق بسخف خياله، أو شاعراً يفرض شعره على الناس وهو محروم من نعمة الشعور؟!. . .

يا من تأخذون على العنف في معالجة القضايا الأدبية، تعالوا واقرءوا معي هذه الكلمات؛ إنها من مقال كتبه في (المصري) الأستاذ عبد الرحمن الخميسي تحت عنوان (لعنة القلم). . اقرءوها معي لتعلموا إلى أي حد تثيرني بعض الأقلام حين تتناول مشكلات الأدب والفن هذا التناول الذي يبعث على الضحك والعجب والإشفاق! يقول الأستاذ الخميسي:

(ألم تبدل موسيقى فاجنر الألماني اتجاه الحياة في ألمانيا تبديلاً عظيماً؟ إن فاجنر الفرد الواحد، الذي تغلغلت موسيقاه في نفوس الألمان والذي طبعت أنغامه بوحشيتها وقوتها روح الشعب الألماني، والذي حفزت ألحانه الناس إلى الاستعلاء وإلى التحليق، هذا الفرد الواحد كان يكتب بقلمه موسيقاه حروفاً صماء على الورق، ثم يشعل بهذه الحروف حين يعزفها الأوركسترا أرواح الملايين ويبهرها، ويجلوها، ويرتفع بها إلى عليين!. . كانت موسيقى فاجنر الأفق المجيد الذي استنزل منه نيتشة الشاعر الفيلسوف أروع قصائده وأبسل أغانيه، وكانت هي الأفق المجيد الذي استلهمه فاجنر صورة الإنسان الأعلى. وهكذا ترى أن موسيقى فاجنر هي التي فتقت أكمام العبقرية في نيتشة، وهي التي مهدت الطريق للمذهب النازي. . الخ)!

بجرة قلم فتقت موسيقى فاجنر أكمام العبقرية في نيتشة. . . من أين جاء الكاتب بهذا الرأي الذي يذوب خجلاً أمام الحقيقة؟ لا أدري ولا المنجم يدري كما يقول المازني! يبدو أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>