هناك تعليلان في رأي (ماكس بيلوف) للأسباب التي دعت موسكو مؤخراً لأن تحمل غصن الزيتون وتواجه خصومها حلفاء الغرب أمام الرأي العام العالمي بأنها دعاة حرب لا يرضون الدخول في مفاوضات مباشرة لتدعيم السِّلْم في هذا الجو الذي ازداد توتراً.
أما التعليل الأول فيقول بأن روسيا جادة في حملتها السليمة الأخيرة، وأن التحطيم الذي أصاب المدن والعساكر الروسية في الحرب المنصرمة هو تحطيم طاحن لا يزال هوله يسيطر على مخيلة الشعب الروسي فهو يخشى الحرب حقاً ويبغي السلم، وأن حالته النفسانية هي كحالة معظم سكان أوربا الذين نالتهم المجزرة الأخيرة بوبلاتها. ولذلك فإن هذا التعليل يجد من يؤمن به من الأوربيين خصوصاً أتباع الأحزاب اليسارية التي تميل إلى مسايرة السوفيات. ويقول أنصار هذا التعليل كذلك أن العقلية الروسية ليست عقلية عسكرية كعقلية الشعوب الجرمانية، وذلك فإن حرباً طاحنة كالحرب المنصرمة كانت كافية لأن تزيل غشاوة العنف والغطرسة العسكرية عن أعين الروس فتجعل رغبتهم في السلم حقيقية.
أما التعليل الثاني فيقول إن مراكز التوجيه في قيادة روسيا السوفيتية اليوم في يد جماعة من المتهوسين وهم مسؤولون عن مسلك موسكو الحالي في العلاقات الدولية، وأن ستالين هو أسير هذه الجماعة التي منها مولوتوف وزير الخارجية وكبار قادة الجيش السوفيتي. وأنه لو تسنى لأحد أن يخترق هذا الحصار المضروب على ستالين - كما فعل عدد من الصحفيين الأجانب في موسكو مؤخراً - لوجد أن لديه استعداداً حقيقياً للسلم. ويبدو لي أن المستر ترومان ومتشاوريه الخصوصيين في البيت الأبيضمن أنصار هذا الرأي. فهم يعتقدون خطأ أو صواباً بأن ستالين رجل (طيب القلب) على حد تعبير ترومان يرغب في السلم لو تخلص من أسر (البوليت بيرو) المكتب السياسي الأعلى للاتحاد السوفيتي.
هذان هما التعليلان اللذان يقومان لتفسير حملة السلم التي صدرت عن القيادة الشيوعية الدولية في الأسابيع الأخيرة. ولنا أن نتساءل أولاً: هل الروس راغبون في السلم حقاً؟ وإذا اقتنع حلفاء الغرب بهذه الرغبة، فلماذا لا يمدون يدهم للروس لتدعيم السلام في نية