للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فاجعة الروض]

بقلم أمجد الطرابلسي

مالي أرى الروضَ بدا واجماً ... كاثّاكِلِ المفؤودِ في لَوْعَتِهْ

والطيرَ في أَفيائِهِ ساهِماً ... يَشرَقُ بالأَدْمُعِ من حَسْرَتِهْ

من حَطَّم الكأسَ وَقَدَّ الوَتَرْ ... وأَبْدَلَ العُرْسَ تُرَى مأَْتَما؟

من أَخرسَ الطيرَ وأردى الزّهَرْ ... وهذه الأفنانَ من هَشّما؟

قلتُ له: يا روضُ ماذا دَهاكْ ... ومنْ كَسا بِشْرَكَ هذا الوُجومْ

قالَ: سَمومٌ أَوْرَدَتْني الهَلاكْ ... وكيفَ أستطيعُ نِضالَ السَّمومْ!

دَكَّتْ على البُلْبُلِ أوطانَه ... وطَوَّحَتْ بالزَّهْرِ فَوْقَ الرَّغامْ

وحَطمَتْ دوحي وأَفنانَهُ ... ثُمّ مضتْ تَضْحَكُ وَسْطَ الظلامْ

فَقلْتُ يا خالِقَ هذي الرِّحابْ ... الرَّوْضُ لا يَعْرِفُ مَعْنى الأذى

ففيمَ سَلَّطتَ عليهِ العذابْ ... حتى قضى الزَّهْرُ وماتَ الشَّذا

ألم يكُنْ أمسِ ندِيَّ الظِّلالْ ... مُوَرَّفَ الآصال عَذْبَ البُكَرْ

يَشدو بنعماكَ وهذا الجَلالْ ... ما غَرَّدَ الطَّيْرُ وَرَفَّ الزَّهَرْ

ربّاه إن الرَّوْضَ عَذْبٌ هَنيء ... وليسَ فيه شِرَّةُ الزَّوْبَعَهْ

وأنتَ لا ترضى عذابَ البريء ... كلا ولا يُرْضيكَ أَن تَفجَعَهْ

رحماكَ لا تجعلْ نيوبَ الذئابْ ... تَفْترِسُ الشاةَ وَلم تُذْنِبِ

أو فامنحِ الشاةَ سِلاحَ الغِلابْ ... وأعَطِها النّابَ مَعَ المِخْلَبِ

الظلم يُضْوي وَيُّمض النفوس ... فأحطم أيا ربِّ يَدَ الظالم

لا تبسم الأكوانُ بَعْدَ العُبوس ... أو تَصْرِف الجوْرَ عَن العالم

أمسِ سمعْتُ الحملَ الوادِعا ... وَهُوَ من السكين يَلْقَى العَذابْ

يقولُ: إن المِبْضَعَ القاطِعا ... أرضى لِنَفسي من شَمات الذئاب

اطبع على العدل قلوبَ البشر ... أَوْ فَليَكُنْ كلُّ الورى مجْرما

لا تنبتَ الأشواكَ بين الزَّهرْ ... فالشَّوكُ لا يُحسِنُ أَنْ يرْحما

كم حُرمَ الشّاعِرُ طيبَ الكرى ... وآفةُ الإنسانِ فَرْطُ الشّعورْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>