للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عم يتساءلون؟]

للأستاذ أحمد رمزي

مشاكل العالم الجديد - التوازن بين الكتل الثلاث الكبرى التي تسيطر على العالم - نظرة شرقية. . .

حينما ندرس حالة العالم بعد هذه الحرب يتبين لنا بوضوح أن تاريخ الإنسانية لم يعرف عهداً مملوءاً بالانقلابات المتتابعة والتغييرات السريعة التي يتميز بخروجها عن كل قاعدة، ومخالفتها المألوف والمعهود مثل ما نراه أمام أعيننا اليوم

فهل بوسعنا أن نستخلص، بعض القواعد العامة، أو الاتجاهات؟ أو نضبط شيئاً من العلائق التي تربط بين الأسباب وبعضها، أو بين الأسباب والظواهر؟ أو نستبق الحوادث فنكتشف شيئا مما قد تأتي به الأيام المقبلة؟

يصعب ذلك علينا نظراً لتتابع الحوادث، ولكن الظروف التي مرت بالعالم بين حربين، والدروس التي ألقاها علينا تاريخ المائة سنة الماضية، قد تمهد لنا الطريق، وتسهل لنا السبل لتكوين فكرة تقرب من الصواب، بل يمكن أن تساعدنا على تحديد بعض النتائج التي حصلت عليها الإنسانية بعد خروجها من حربين عالميتين

كانت المائة سنة التي سبقت الحرب الماضية مملوءة بالحوادث الكبرى، فهذه الفترة التي تقع بين ١٨١٥ - ١٩١٤، أي بين مؤتمر فينا وإعلان الحرب العظمى الأولى، فترة فذة في تاريخ البشرية: لأنها بدأت بتأكيد مبدأ القوميات والمناداة بتحرير الشعوب واستقلالها، ثم خضعت لفكرة حفظ التوازن بين الدول الكبرى الأوربية، وكانت هذه المائة سنة فترة الثورات التي نقلت أوربا من عهد الإقطاع وبقايا القرون الوسطى، إلى عهد الصناعة الآلية وما يلازمها من تنازع الطبقات وتضخم المدن ونمو الرأسمالية وبروزها كعامل أساسي في حياة الشعوب الأوربية

كانت هذه الفترة كل هذا، ولكن ما هو أكبر مظهر لهذه المائة سنة؟

لا يتردد الآن أي مخلوق في أن يعترف أن هذه الفترة من الزمن كانت عصر التوسع الاستعماري الجارف

وما معنى هذا؟ الذي يبدو لنا في سنة ١٩١٤ ويمكن إبرازه ظاهراً ملموساً هو ما يأتي:

<<  <  ج:
ص:  >  >>