كانت تملأ بيتي نوراً، ونفسي حبوراً؛ بدلتني بالوحشة أنساً، وبالوحدة جمعاً. هؤلاء أولادها نجوم سماء أرسلتها العناية الإلهية لتكون معجزة الله في نظام الأسرة، وفي بعث الأمل الباسم، وفي سعادة الآباء والأمهات، ثم لم يمتعها الدهر بهم إلا قليلا، واستودعتني صغاراً كأفراخ الطير، وذهبت في عالم السماء. . . . . . . .
دعني يا أخي أخفف من برحاء حزني بقطرات من الدمع هي كل ما أملك عند ما يغلي مرجل قلبي بذكراها
دع دماء قلبي تتبخر فتستحيل دموعاً، ففي انبثاقها هدوء لوعتي وأشجاني، فقد انصبت أحزان الناس جميعاً في مصيبتي فما أطيق لها حملا
أفما رأيت المحزونين يتعزون بي، وينسون مصائبهم إذا رأوني، فيرثون لبلواي، ويمسحون بتعازيهم فيض عيني التي هي معاني دموعهم على موتاهم؟
يا لأيامها الحلوة، وسريرتها الطاهرة!!
أرأيت إلى البحر الصافي الساكن الذي لا يدس في قرارته شيئاً!! أرأيت إلى السماء الزرقاء الجميلة تزهر بالنجوم الوضّاءة، هي رمز السرور والطمأنينة!! ذلك هو قلبها: إخلاص وصدق، وأدب وحياء، وكل ما ترتجي في الزوجة الكاملة من سمو ووفاء. . . . . .
وكأن القدر أراد أن يسقيني كؤوس السعادة مترعة ثم يسلبنيها وشيكا ليطول حزني، وتدمى إلى الأبد جراح قلبي، فأنا منها في همٍ مقعد مقيم
قلت له: هوّن عليك يا أخي، فما لما قضى الله حيلة، وحسبك ما قدمت يداك، وما قمت به نحوها من تمريض، فقد كانت في أغلب سنيها معك بين الموت والحياة، تسعى سعي المجد لتدفع القدر عنها، فلم تدع طبيباً إلا استشرته، ولا صيدلية إلا أفرغت فيها كنوز حياتك