فيه. على أننا نجد في التاريخ الحديث، وفي المجتمعات الحديثة المتمدنة أيضاً أمثلة مدهشة من هذه الأساطير والظواهر الخفية تشق طريقها إلى أرقى المجتمعات وتثير الدهشة والروع في نفوس الكبراء فضلا عن العامة؛ ففي القرن الثامن عشر ظهر في ألمانيا والنمسا وفرنسا عدة من الدعاة والمغامرين السريين مثل يعقوب فرنك (أو الكونت أوفناخ) والدكتور فوك، ويوسف بلسابو (أو الكونت كاجليوسترو)، والكونت سان جرمان وغيرهم، وجابوا المجتمعات الأوربية الرفيعة، وأثارت مزاعمهم ودعاواهم في الخلود وعلم الغيب، ومزاولة السحر، والخوارق، كثيراً من الدهشة والروع؛ بيد أن هؤلاء المغامرين الدهاة لم يحاولوا أكثر من تحقيق مطامع محلية وشخصية؛ وذلك أن العصر الذي كانت فيه جرأة الدعاة تتجه إلى إنشاء المذاهب الدينية أو الدولة السياسية، كان قد انتهى منذ بعيد، ولم يبقى أمام الأواخر من الدعاة والمشعوذين إلا أن يعملوا في ميدان متواضع جدا لتحقيق المآرب والأهواء الشخصية.