للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القصَص

يوم عصيب في جبل المقطم

للأستاذ محمد الدمرداش محمد. مدير إدارة السجلات والامتحانات

بوزارة المعارف

- ٢ -

(في المقالة الأولى وصف الكاتب كيف ظل هو وصديقه في جبل المقطم حتى اهتديا بعد الغروب إلى واد لهما به معرفة سابقة، وهو وادي دجلة، فاتخذا طريقهما فيه نحو مدخله.)

مضت ساعة على هذه الحال ولم نصل بعد إلى مخرج الوادي، فقال صاحبي ألا من نهاية لهذا الوادي؟ فقلت لم يبق إلا ساعة واحدة، فقال وماذا بعد ذلك؟ قلت إما أن نقصد (طره) ونركب القطار إلى باب اللوق، وأما أن نذهب إلى المنشية عن طريق البساتين ومدافن الإمام الشافعي. فقال أنه يفضل الطريق الأخير، فقلت لا بأس وعلى كل حال فالزمن اللازم لقطع المسافة في الحالتين لا يقل عن ساعتين من مدخل الوادي، فتضجّر صاحبي ونظر إلى ساعته ثم قال. . أننا لن نصل إلى بيوتنا قبل نصف الليل. فلم أجبه بشيء، وبعد سكون طويل عاد وسألني: هل من خوف علينا في هذه الجهات النائية الموحشة من الوحوش أو اللصوص؟ فقلت كن مطمئنا فالله معنا وهو يحمينا. فقال: كيف ذلك وليس معنا ما ندفع به عن أنفسنا غير هذه العصا (مشيرا إلى عصا قصيرة كنت أحملها في يدي) وقبل أن أجيبه عن سؤاله عثرت قدماه بحجر كبير فكاد يسقط، فتألم وتضجر ثم سكت، وغشينا سكون عميق، لا نسمع فيه غير وقع أقدامنا على أرض الوادي الصخرية وصفير الريح في صدوع الصخور وثقوبها.

ولا أطيل القول. فقد كانت الساعة التاسعة عندما وصلنا مدخل الوادي. وما كدنا نتجه نحو بلدة البساتين حتى أمطرتنا السماء مدرارا مرة أخرى، واشتد الظلام حتى لا نرى أمامنا أكثر من نصف المتر، ولكن ذلك لم يمنعنا من الاستمرار في السير والجد فيه، ثم أخذنا نرتقي أول تل في طريقنا وهو يرتفع عن السهل نحو ٥٠ مترا. وحدث هنا أمر كان يقضي علي لولا لطف الله في تلك الليلة الليلاء، فعندما كنا نتسلق التل إلى ظهره صاح بي صاحبي مستنجدا فالتفت فجأة إلى الوراء لأتبين ما حل به، وكنت متشبثا بكلتا يدي بحجر

<<  <  ج:
ص:  >  >>