[من كلام الرافعي]
قيل له رحمه الله: هل تكره الموت؟ فقال لا بل أكره ذنوبي، أما الموت فهو اكتشاف العالم الأكبر، نسأل الله حسن الخاتمة. وقيل له ما هي وصيتك إذا حضرتك الوفاة؟
فقال: هي تكرار المبدأ الذي وضعته لأولادي:
النجاح لا ينفعنا بل ينفعنا الامتياز في النجاح
مات الرافعي
بقلم السيد محمد زيادة
إذن فقد مات مصطفى، وانطفأ السراج الوهاج. . .
وهدأت الروح النبيلة الرفافة التي ما خلقت لتهدأ. . .
وفرغ الوجدان الفضفاض من هموم الإنسانية وآلام الناس. . . وسكن القلب الصخاب المتكلم، المحلق في أجواء السمو، الخافق خفقات الهوى العفيف. . .
وغربت النفس الأبية الملهمة الجائشة فيها خواطر الغيب وأسرار الكيان. . .
ونام العقل الجبار الحر النافذ شعاعه إلى كل سماء يستطلع الحقائق، المرسل سناه على كل أرض يطلع الناس. . .
وانطفأ السراج. . . انطفأ السراج الوهاج. . .
إذن فقد مات مصطفى وخلا من الحياة مكانه ليظل خالياً لا يجد الكفء الذي يملؤه. . .
وجنحت الشخصية الحبيبة المرموقة إلى العزلة. . . عزلة الأبد
وعدمت الموهبة المخلوقة للكفاح والإصلاح. . .
وانهدت القوة الفعالة المبدَعة المبدِعة. . .
وانحصر الميدان الآهل بعرائس الخيال الفاتنة بين جدران قبر ضيق. . .
وتهيأ الأدب العريق الفتي ليزول أو زال. . .
وانطفأ السراج. . . انطفأ السراج الوهاج. . .
إذن فقد مات مصطفى، ورحلت البارقة الهفافة من أفق الدنيا إلى آفاق الآخرة. . .
وشال الطائر الغريد عن الحمى يرف بجناحيه رفيف الوداع، وخفقت القلوب، وتباكت العيون، وذابت قطع من النفوس، وسرى في جو الأدب برق ورعد هز كيانه. . . ثم أعقبه