قابل العالم طلب المارشال بتان رئيس وزراء فرنسا لشروط عقد الهدنة بكثير من الحسرة والألم، فقد عقد العالم أمله على المعارك الدائرة في فرنسا لإقرار السلام، وإزاحة كابوس الدكتاتورية ومخاوفها. وظل الجيش الفرنسي يقاتل بعزيمة التي عرف بها إذا دهم وطنه خطر، ولكن الخسائر التي مني بها، والقوات الألمانية هاجمته كانت كبيرة العدد كثيرة العتاد، تجاوزت في كثرتها جميع القتال
ففي سنة ١٩١٤ كان عدد الرجال المقدر فنياً للقتال في الميل الواحد عشرة آلاف جندي. ودرس أحد الاقتصاديين العسكريين في سنة ١٩٣٨ عدد الرجال اللازمين للاشتراك في المعركة، سواء في حالة الهجوم أو الدفاع، فقدر أن جبهة القتال تشمل ميداناً طوله ١٠٠٠ كيلو متر (٦٠٠ ميل). وانتهت أبحاثه المبنية على الحساب والفن العسكري إلى أن عدد الرجال اللازم لهذه الجبهة في حالة الهجوم مدة سنة، هو تسعة ملايين جندي تهبط إلى ستة ملايين في حالة الدفاع، أي أن الميل الواحد يحتاج إلى ١٥ ألف جندي تهبط إلى عشرة آلاف في حالة الدفاع
استخفاف بالأرواح
ودرس هذا الأخصائي العسكري ما تحتاجه الجبهة من سيارات مدرعة ودبابات فقدر للميل الواحد ٢٠٠ منها طول السنة. ولكن القيادة الألمانية خالفت فنون القتال المألوفة معتمدة على ضربات خاطفة، تقصد من ورائها أن تنهي الحرب في أشهر قلائل، ويؤازرها في ذلك سياستها التي جرت عليها من الاستخفاف بأرواح رعاياها، ووضعها في المرتبة الأخيرة أمل الحصول على أغراضها
فوضعت في جبهة طولها ١٥٠ ميلاً مليوني مقاتل و ٤٠٠٠ دبابة يضاف إليها سيارات النقل والجنود الاحتياط، فخص الميل الواحد ١٣ ألف مقاتل تقريباً، وإذا قسمنا عدد الدبابات على عدد الأميال يظهر قلة عددها، ولكننا لو ذكرنا أن هذه الدبابات لم تتوزع على