للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين الرافعي والعقاد]

للأستاذ محمود محمد شاكر

- ٥ -

(تحرقك النار أن تراها، بله أن تصلاها)

منذ تسعمائة سنة قال الخفاجي حين ذكر البلاغة:

(لم أر أقل من العارفين بهذه الصناعة، والمطبوعين على (فهمها) و (نقدها) مع كثرة من (يدعي) ذلك، ويتحلى به، وينتسب إلى أهله، ويماري أصحابه في المجالس، ويجاري أربابه في المحافل. وقد كنت (أظن) أن هذا شيء في مقصور على (زماننا) اليوم، ومعروف في (بلادنا) هذه، حتى وجدت هذا (الداء) قد أعيا أبا القاسم الحسن بن بشر الآمدي، وأبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ قبله وأشكالهما حتى ذكراه في كتبهما، فعلمت أن (العادة به جارية) و (الرزية فيه قديمة). ولما ذكرته رجوت الانتفاع من هذا الكتاب، أملت وقوع الفائدة به، إذ كان (النقص) فيما أبنته شاملاً، (والجهل) به عاماً، والعارفون به قرحة الأدهم بالإضافة إلى غيرهم، والنسبة إلى سواهم)

ومع ذلك. . . فالأستاذ سيد قطب أحد (الأخصائيين!!) في اللغة التي نعبر بها

عاد الفاضل الأستاذ سيد قطب بحديثه عن الرافعي، ثم عقب عليه بالحديث عني وعما كتبت في الكلمات السالفة. وكنت عزمت أن أدعه حتى يشفي ذات صدره من الرافعي ومني؛ وكنت أجمعت الرأي على أمر، ثم هأنذا أتحلل من عزيمتي. . . ومرة أخرى أقول كما قلت في الكلمة الأولى: إني سأتولج فيما لا أحب. . . لا كرامة للأستاذ أو استجابة لدعائه بل لميط الأذى حسب. . . بل لميط الأذى حسب

ولقد علم من لم يكن يعلم أني كتبت ما سلف هادئاً لا أهاجم، إلا أن أترفق وأستأني وأتصبر على كلام ينفد معه صبر الحليم. . . وأنا وإن كنت لا أبالي بشيء مما يصف الأستاذ الكامل به كلامي فأنا لا زلت أحفظ للقراء عهدهم قبل الكتاب، فلا أدع القارئ عرضة لرجل يفهم القول الرفيع بالفهم الوضيع، ولا لرجل يسيء القول في الناس ويأبى عليهم أن يقولوا له أسأت فأجمل، ولا لرجل يرى الظل ممدوداً له - زمن القيظ - فيتجنبه إلى وقدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>