أكثر ليلي الصيف في مصر مقتطعة من فراديس النعيم لعشاق اللهو والاستمتاع يا لله!! كم ليلة قضيناها على شواطئ النيل نستمتع بانسياب أمواهه الهادئة، نشاهد مثاوي الأشباح تحت ظلال النخيل، نراقب أنوار المدينة ونجوم السماء تتناقص وتنطفئ وتتلاشى على بساط الفجر وإشعاع الشمس
يا لله! كم ليلة سمعنا فيها أغاني أم كلثوم وصوتها العذب الحنون! وكم أصغينا إلى نشيج محمد عبد الوهاب وأنغامه المسترخية المستلينة، وكم لمسنا فيها تفاعل الإغماء والتماوت، لقد شهدنا على المسارح تمثيل القردة المقلدين واسترعى انتباهنا ممثل هزلي بارع، إحساسه في وجهه، وعقله في نظرات عينيه، وبراعة فنه في إيمآته وسكونه، هو ذا نجيب الريحاني المطبوع على الفن
كم ليلة فيها جسنا فيها حلقات الأدب، ومجالس العلماء، و (بعكوكة) الظرفاء وصالات المتأدبات، لقد كانت الرغبات هي كل شيء في عرف صديقتي أنيسة تدفعها إلى معرفة كل شيء، وكانت تقول:(متى انقطعت الرغبات انقطع حبل الحياة معها، وتجزم بأن من يتعمل قتل رغبات نفسه كان كمن يحاول الانتحار) كانت تعرف الرغبات الجوالة في صدور الساسة (بأنها تقدير لما تحتاج إليه النفس الإنسانية الكبيرة) وتقول: (لا خير في جهود تبذل إذا كان رجل السياسة يعجز عن إدراك رغبات مواطنيه وحاجاتهم) وقالت عن المصريين: (إنهم كشعب، يعرف جيداً كيف يفرح ويحقد، ولكنه لا يعرف أبداً كيف يغضب وينتقم) لقد قالت لي صديقتي عن مجالس النساء والرجال قولاً ظريفاً فيه مداعبة ومفاكهة، ولذعات وسخرية قالت:(إنه قد يعسر عليها إيجاد رجل واحد خليق بأن يسمى رجلاً بين مائة ممن لقيتهم من الأدباء والعلماء والكتاب والسياسيين، وأن المرأة المصرية ليست إلا أنثى)، وكانت تضحك من الشبان المستكرشين والصبايا المترهلات وتقول: (إن الرياضة تعلم