كان بروميتس هذا - كما تحدثنا عنه الأساطير الإغريقية - شخصاً سولت له نفسه الشريرة أن يسرق من السماء قليلاً من النار، ولما استجاب للتجربة وارتكب جريمة السرقة، غضب عليه إله أولمب زيوس وهو عظيم آلهة اليونان وابن الآلهة (كرونس) والآلهة فيا وشقيق نبتون. وكان من جراء غضبه عليه أن فصله عن زوجه آسيا وأمر بشد وثاقه وتقييده إلى صخرة عظيمة، حيث كانت العقبان تأتي في كل يوم وتذيقه سوء فعلته وشر صنيعه بمخالبها المحددة ومناقيرها القوية. ثم ما لبث (زيوس) أن رجع عن غضبه لأسباب عديدة، وأمر بحل وثاقه وبإرجاع آسيا إليه ثانية. وهكذا امتزجت روح المحبة في الإنسان بروح المحبة في الطبيعة، وتلخص كلاهما من الفناء الذي استحقاه بسبب جريمة بروميتس
تناول شلي هذه الأسطورة فوضعها في قالب شعري، وكان قد تناولها من قبله وليم ورودزورث، إلا أنه بينا يمتاز سبك وليم بما فيه من التحليل المنطقي وعمق الفكر الفلسفي. يمتاز شلي باتساع أفق الدائرة التي يسرح فيها خياله.
ولعل قصيدة بروميتس هذه هي خيرُ القصائد من نوعها التي تمثل لنا فكرة هدى البشرية بعد ضلالها. كانت شائعة عند اليونان وكثيراً ما ضمنها الشعراء أشعارهم، ناهيك بما فيها من الكيانات والاستعارات ومن التشابيه والمجازات التي رمى بها الشاعر من وراء ستر كثيف إلى أغراض بعيدة تجنباً لما كانت تلاقيه حرية الأفكار في العصر الفكتوري من الإرهاق والإذلال. وفي عام ١٨١٧ نظم قصيدة ثورة الإسلام استفز فيها الشعور من ذلك السبات الذي تسرب إليها عن طريق ما مُنيت به الأفكار الثورية من الإخفاق، تلك الأفكار التي كان يُعلق عليها تحقيق مثله الأسمى، والتي كان ينظر من ورائها إلى ذلك العصر الذهبي الذي كونه له خياله. تطالع هذه القصيدة فتشعر بتيار ألفاظها السحرية، وبنبرات مقاطعها النارية، تجرى في مفاصلك بشدة وعُنف؛ وما ذلك إلا لأنه قد نظمها وعواطفه تنماث في قلبه من شدة تأثر حسه وثوب خياله.