أنا ما جزمت في عزو (الخبر) إلى ابن بكار بل سألت وفرضت: جئت ب (هل) الاستفهامية، و (إذا) الظرفية الشرطية فقلت: (هل صاحب ذلك الكتاب هو الصائغ المحسن) وقلت: (وإذا ثبت قول (السليماني) في ابن بكار فمن يضع الحديث النبوي يضع الحديث الأدبي) وأوردت حديث (العلانية) وتركت القضاء للوقت حتى يثبت أو ينفي. وفي هذا الأسلوب في النقد الإنصاف كله. وبنيت على الشك والفرض لأني لم أقف على (كتاب وفود النعمان على كسرى)، ولم أجد رواية صحيحة تهديني إلى الحق في أمر النسبة. وإذا عز اليقين ظننا. وليس ظن الناقدين والباحثين في العلم من الظنون التي ذمها (الكتاب)، ولم أقصد زراية على القاضي في كل ما خططت وليست صفاته الطيبة بمانعته أن يضع، فقد كان الوضع في الحديث والأخبار والأشعار شرعة القوم. وهنالك كثيرون من الواضعين هم أقضى من الزبير بن بكار وأتقى وأكبر وأشهر. وهذا بحث طويل أدعه اليوم فله زمان سيظهر فيه إن شاء الله
وقلت: هل ابن بكار صاحب كتاب وفود العرب على كسرى هو الصائغ. ولم أقل هل ابن الكلبي صاحب (كتاب الوفود) هو الواضع لأسباب:
١ - عبارة الخبر أقرب إلى زمان ابن بكار، وأسهل من عبارة ابن الكلبي
٢ - وضوح التسمية
٣ - تنسيق في الخبر جلبه الوقت وارتقاء التأليف فقد كاد يكون رواية تمثيلية، وقد أنشأ أديب عصري منه رواية
٤ - لم أجد الخبر في كتاب (الأغاني) ولم يرو أبو الفرج منه شيئاً، ولم يشر إليه في مكان، والظن أن لو رآه في (كتاب الوفود) وكان فاته. وقد روى من دواهي ابن الكلبي ما روى
وأما عزو الخبر إلى ابن الكلبي أو أمثال ابن الكلبي فهذا من براعة كل واضع بعده فقد اشتهر الرجل في الأخبار والأسمار والأنساب، والعنعنة أول شرط لمن يضع. والرواة المتقدمون كثيرون فلكل صائغ أن يربط خبره بمن أحب. فأبو حيان التوحيدي حين اتكل