للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رسالة القلم البليغ]

للدكتور زكي مبارك

في ظهر يوم الجمعة الأسبق دعاني أحد الصحفيين تليفونياً إلى الإجابة عن أسئلة متصلة بمهمة الكاتب في المجتمع، وقد أجبت بصراحة لا تحتمل التأويل، ودعوت ذلك الصحفي إلى مراعاة الأمانة فيما ينقل عني، فقد طال بلائي بتحريف آرائي، ثم راعني أن أرى كلماتي مثبتة بدون تغيير ولا تبديل، كأن ذلك الصحفي كان يدوِّن ما يسمع بالحرف. وإنما نصصت على هذه الأمانة في النقل لأحكم على ما نشر باسم الأستاذ عباس العقاد؛ واسم الأستاذ أحمد أمين في هذا الموضوع بالذات، فليس من المعقول أن يحرص ذلك الصحفي على مراعاة الأمانة فيما ينقل عني ثم يمضي فيزيد على هذين الباحثين الكبيرين بلا موجب معقول

وعلى هذا يكون عندنا ثلاثة آراء صريحة في تحديد (مهمة الكاتب في المجتمع)، فما هي تلك الآراء؟

يرى الأستاذ عباس العقاد أنه لا يمكن فصل المهمة الثقافية عن المهمة الاجتماعية، لأن الثقافة تمهد لأن ينظر الناس للحياة نظرة عالية، والنفوس التي تنظر للحياة نظرة عالية هي النفوس التي تستحق الحياة. ويرى أن يكون الأدب للأدب فلا يكتب الكاتب غير ما يوحي به الطبع، وهو يعنى بالحقائق الخالدة. أما المشكلات التي تتعلق بالطبقات المختلفة، فهي مشكلات وقتية يناط تدبيرها بالرجال الإداريين

ويرى زكي مبارك أن للكاتب غاية واحدة هي الصدق، وليست القصة أو المقالة إلا من وسائل التعبير عن ذلك الصدق. ويرى أن الكاتب ليس أجيراً للوطن ولا المجتمع، وهو مطلق الحرية في جميع الشؤون. ويرى أن التعبير عن آلام المجتمع وآماله لا يكون أدباً إلا إذا صدر عن الكاتب، فإن اهتم بالمجتمع طاعةً للمجتمع فليس بكاتب. ويرى أن الصرخة الأدبية لا تكون وحياً إلا إن صدرت عنه بحرارة وإِيمان، فهو يحارب حين يشاء، ويسالم حين يريد، ومن حقه أن يتحدث عن الشعر والحب، لأن ذلك يصور إحساسه بالوجود. . . ويختم زكي مبارك كلامه بأن الأدب أنواع: أدب محلي يصور البيئة، وأدب وقتيٌ يصور العصر، وأدب خالد لجميع الأزمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>