أما الأستاذ أحمد أمين، فيصرح بأن الرأي الذي يقول بأن يكون الأدب للأدب هو رأيٌ سخيف، وهو لهذا يشغل نفسه بالكلام عن الفقر والمرض والجهل
تلك هي الآراء الثلاثة، كما نقلتها عن أصحابها مجلة العزيمة في العدد ٧٩
فما محصول هذه الآراء؟ وكيف أختلف أو ائتلف هؤلاء الكاتبون؟
يرى الأستاذ عباس العقاد أن يكون الأدب للأدب، ويرى الأستاذ أحمد أمين أن القول بأن يكون الأدب للأدب هو رأي سخيف. (ومن الواضح أن الأستاذ أحمد أمين لا يوجه الكلام إلى الأستاذ عباس العقاد، لأنه أجاب إجابة موضوعية بدون أن يخطر في باله أنه يعارض هذا الكاتب أو ذاك)
ويرى زكي مبارك أن غاية الأدب هي الصدق، ولو سار الكاتب وحده في جانب، وسار المجتمع كله في جانب، فهو يحاسب أمام ضميره لا أمام المجتمع، وهو أعز من أن يكون صدى لأي صوت، لأنه يرى أن صوته هو صوت الوطن، وأن الوطن حين ينطق بصوت غير صوته لا يكون إلا حاكياً لأقوال محرومة من روح اليقين
أما بعد فهذه مشكلة من أصعب المشكلات، وللأستاذ عباس العقاد أن يوضح رأيه كما يشاء، وللأستاذ أحمد أمين أن يصر على قوله كما يريد. أما أنا، فأسارع إلى تحديد غايتي الأدبية بلا تسويف، ليعرف قومٌ كيف أُعادي وأُصادق في الحدود التي ترسمها (رسالة القلم البليغ)
وإِنما يهمني أن أسارع إلى تحديد غايتي الأدبية، لأني أُحب أن يعرف قُرائي وجه الرأي فيما أذهب إليه من الدعوة إلى حرية القلم بلا قيد ولا شرط، إِلا أن يدعو العقل إلى التلطف والترفق فلا نواجه الناس بما لم يألفوه في بعض الميادين العقلية والروحية والذوقية والاجتماعية
وما يجوز لك - أيها الكاتب - أن تجادل قومك إلا حين تؤمن في سريرة نفسك بأنك رجل له وجود خاص، وبأن عندك معاني لا تجدها عند أحد من أهل زمانك، وحينئذ تصارح مواطنيك بما يجيش في صدرك، على أن تكون أنت أنت في كفرك وإيمانك، وضلالك وهداك، فلا تقول ما يحب الناس أن يقال، ولا تكتم ما يكره الناس أن يباح
وأعيذك أن تفهم أني أوصيك باللجاجة والعناد، وإني أدعوك إلى مخالفة قومك في جميع ما يحبون وما يكرهون. . . فما إلى هذا قصدت. ولا يسرني أن تكون أداة انزعاج وانشقاق،