مدام كوري مكتشفة الراديوم التي ارتفعت إلى مقام نيوتن
ودريكات وباستور، أستاذة السوريون وحائزة جائزة نوبل
للطبيعة سنة ١٩٠٣ وجائزة نوبل للكيمياء سنة ١٩١١
إن الذين يعجبون في قرارة نفوسهم إعجاباً علمياً بالراديو والتليفزيون وغيرهما ويشعرون بالدور الذي ينبغي أن تلعبه مصر والبلاد الشرقية لاستكمال الانتصارات العلمية لتقدم الإنسان يهتمون ولاشك بمعرفة أخبار المعامل العلمية، فتلك الهياكل المقدسة كما يسميها باستور، هي التي يجب أن نحميها أكثر من حمايتنا لأنفسنا، إذ فيها تنمو الإنسانية وتقوى ويزدهر التنسيق العالمي، بينما الإنسان في خارجها ينساق أحياناً لأعمال بربرية وتحمس أحمق لتحطيم نفسه وتحطيم البشر
وإنه ليحلو لي في هذه الأيام التي يهتم العالم فيها بالتسلح والتسابق للتهلكة، في هذا العهد الذي يقف فيه كل عمل إيجابي لننساق إلى ما هو سلبي، يحلو لي أن أحدث القراء في أحب سير المعامل العلمية، فأحدثكم عن مدام كيري واكتشافها للراديوم: قصة وإن لم تكن قصة اليوم، وعمل وإن لم يكن وليد هذه الساعة، إلا أنها ليست بالقصة التي ننساها مع الزمن، ولا بالعمل العادي الذي يمر ككل عمل
إن عمل كيري للنجاح لا يقف عند حد، فقد كنا أمام مادة جديدة في طبيعتها وخواصها، بل كنا أمام نشاط إشعاعي حراري كهربائي، بل كنا أمام تكوين جديد للهيليوم وتحول للعناصر وتغيير فجائي في المادة، فلا عنصر بالمعني الذي كنا نفهمه، ولا ذرة غير قابلة للتجزئة، إذ في كل ثانية تمر تطرد جسيمات الراديوم ملايين من ذرات الهيليوم بقوة كبيرة. على أن بقايا هذا الانفجار هي ذرات غازية تتحول هي أيضاً إلى جسم إشعاعي آخر، ثم يتحول هذا من جديد، وهكذا سلسلة من الأعضاء كل عضو في أسرة سلالة آبائه الذين تحولوا إليه. فالبولونيوم من سلالة الراديوم، والراديوم من سلالة الأيرانيوم، وهذه الأجسام التي تتكون في كل لحظة تنعدم من جديد وفق قانون أزلي، وهكذا في المادة الصماء التي كنا