لصاحب العزة الدكتور عبد الوهاب عزام بك وزير مصر المفوض
بالمملكة السعودية
إذا اجتمعت النفس بالإيمان، وقويت واستنارت، وارتقت إلى عالم المعاني، وأنِست بالمعاني الجميلة العامة، وأحست الوئام والسلام، ونفرت من النزاع والخلاف، وانطلقت من حدود الأهواء والشهوات والرغبة والرهبة والعصبية، وعلت على الزمان والمكان - حينئذ تؤهل للحق والخير والجمال والعدل والإحسان وإذا أهلت النفس للعدل. وسكنت إليه وآثرته كانت أهلا لأداء الأمانة التي قال فيها القرآن:
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنا وأشفقَ منها وحملها الإنسان).
وكانت أهلا لخلافة الله في الأرض، أي القيام بعدله بين خلقه، وجهدت للارتقاء إلى منزلة العدل، العدل المطلق، في الرغبة والرهبة، والمنشط والمكره، والرضا والغضب، ومع القريب والبعيد، والعدو والصديق، في كلُّ حين وعلى كلُّ حال.
العدل الذي قال فيه القرآن:
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا هو أقرب للتقوى)
وقال:(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)
فتجعل النفس هذا العدل قصدها وغايتها، وغايتها، وأملها ومنيتها، وتسير إليه دائبة، وتعمل له جاهدة، حتى تبلغه أو تقاربه، أو تبقى راغبة فيه، سائرة إليه على قدر الطاقة، حتى تبلغ أو تقارب أو تنقطع دونه وقد سارت إليه مراحل، وضربت في طريقها أمثالا وخلقت فيه آثاراً.
بهذا العدل قامت السموات والأرض، واستقامت الخليفة، واتسقت أمور الأمم.
(والسماء رفعها ووضع الميزان، ألاّ تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تُخسِروا