إذا جولنا في أنحاء العراق شاهدنا عدداً لا يستهان به من الجسور المتنوعة الطراز، المتفاوتة الحجم، تعلو أنهاره ونهيراته، بينها القديم الأثري، وبينها الحديث المكين؛ كما أن التاريخ ينبئنا بوجود جسور قديمة شيدت في أشهر المدن العراقية المطلة على المياه، وغير أن يد الزمان قد عبثت بها فجعلتها أثراً بعد عين
وإلى القارئ هذا البحث في أحد الجسور القديمة في العراق، نعني به (الجسر العباسي) القائم بجوار بلدة زاخو في شمالي العراق
ولقد استقصينا عدداً من التصانيف العربية القديمة والحديثة، طائفة من كتب الرحالين والسياح الفرنج؛ أملاً في الوقف على ما ينير السبيل أمامنا في هذا الموضوع، غير أننا لم نعد من جميعها إلا بالنزر اليسير من العلم بأمر هذا الجسر. ولعل أهم ما وقفنا عليه ما دونه الرحالة الأثري (بروسر) في كتابه عن (المباني الأثرية في شمالي ما بين النهرين)
ولهذا الجسر أسماء عديدة أطلقها الناس عليه في ظروف ومناسبات مختلفة. من ذلك: الجسر العباسي، جسر العباسيات، جسر الخابور، جسر دلالي، جسر الإسكندر، جسر الحسنية
ويلاحظ القارئ أن اثنتين من هذه التسميات أطلقتها عليه بالنظر إلى موقعه:(فجسر الخابور) يشير إلى أنه يركب متن هذا النهير، كما أن (جسر الحسنية) يدل على أنه شيد عند بلدة الحسنية. أما سائر التسميات فقد أطلقت عليه بناء على ما شاع بين الأهلين هناك من الروايات والأساطير التي لا تدعمها الحقائق الراهنة ولا تؤيدها المستندات التاريخية
٢ - موقعه
على نحو من ميل واحد شرقي بلدة زاخو ينتصب (الجسر العباسي) فوق نهير الخابور الذي ينبع من الجبال الممتدة في جنوبي أرمينية، ثم يسير متمعجاً بين ثنايا تلك الجبال