حتى يصب في دجلة فوق قرية (فيشخابور) على نحو من ٧٥ ميلاً شمالي الموصل؛ أي عند الحدود العراقية التركية. وهذا الخابور هو المعروف في المؤلفات العربية القديمة ب (خابور الحسنية) نسبة إلى البلدة المعروفة بهذا الاسم
وقد تطرق البحاثة المستشرق (لسترنج) في كتابه الموسوم ب (أراضي الخلافة العباسية) إلى ذكر هذا النهير وجسره فقال: (إن هذا النهير كان يخترقه جسر حجري لا تزال بقاياه ماثلة للعيان قرب قرية حسن آغا التي ربما تمثل المدينة القديمة. إن الحسنية التي كان فيها جامع تصلى فيه الجمعة قد وصفه المقدسي بقوله إنه موقع ذو خطر)
ويبدو لنا من كلام (لسترنج) أن الأمر قد اختلط عليه بعض الشيء، فلم يفرق بين الجسر العباسي الذي نحن بصدده، وبين جسر آخر ما زالت بعض معالمه ظاهرة للعيان، كان فيما مضى يعلو الخابور ذاته، ويطلق عليه (جسر كيسته) بينه وبين جسر العباسي نحو من ثمانمائة متر
ولا يزال الجسر العباسي صالحاً بعض الصلاح لمرور السابلة من فوقه؛ وقد كان فيما مضى المسلك الوحيد الذي تسلكه القوافل حينما تقصد من الأنحاء الشمالية المختلفة؛ أما (جسر كيسته) فلا أثر لقناطره اليوم، لأن يد الدهر سطت عليها، وعملت على تقويضها حجراً بعد حجر، ولم تبق منها اليوم سوى ركائز قواعدها الحجرية المغروزة في الماء
٣ - صفته
يبلغ طول الجسر العباسي ١١٤ متراً، وعرضه ٤ أمتار و٧٠ سنتمتراً وهو يتقوم من خمس قناطر تتفاوت شكلا واتساعاً، فأكبرهن تكاد تعلو عرض الخابور بكامله هناك؛ إذ تبلغ فتحتها ١٦ متراً، وارتفاعها عن مستوى سطح ماء الخابور في أيام انتقاصه زهاء ١٥ متراً، ومن هنا تتجلى لنا عظم المصاعب التي تجشمها البناؤون أثناء تشيدهم هذه القنطرة الواسعة! ومن يلق نظرة على صورة هذا الجسر ير ريازة هذه القنطرة من الطراز المعروف ب (المسنم)
ثم يلي هذه القنطرة سعة، قنطرة ثانية فتحتها ١١ متراً، على شكل يقرب من نصف الدائرة. أما الثلاث الباقيات ففتحاتهن أصغر من السابقة وهن على شكل أنصاف دوائر
وطبيعي أن يؤدي هذا التفاوت في اتساع القناطر إلى ارتفاع وسط الجسر وانحدار جانبيه