للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلامه:]

ملتن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية

والخيال. . .)

للأستاذ محمود الخفيف

- ٢٨ -

البطل الضرير:

وكان ملتن في جنوحه إلى الراحة يفكر فيما عسى أن يرد به سلامسيس على رده هو عليه، ويدير في خاطره ماذا يصنع وماذا يعد من رد؛ حتى جاء هذا الكتاب فاستأثر بفكره، وطلب إلى ملتن أن يرد فيدفع عن وطنه ما يتهم به كما فعل حيال صيحة سلامسيس، وما كان في حاجة إلى أن يطلب إليه ذلك، ففي هذا الكتاب تهجم وقح على قوم يجلهم وعلى حكومة يعتز بها فضلاً عما فيه من مطاعن شخصية كفيلة بأن تثيره وتسخطه على صاحبه أعظم السخط.

ومن عسى أن يكون صاحب هذا الكتاب؟ ذلك ما أخذ يتساءل ملتن عنه؛ فليس على غلافه إلا أنه طبع بإشراف ألكسندر مورس، وفطن ملتن آخر الأمر أن مورس هذا هو مؤلف الكتاب ولكنه يتواري. والواقع أن مؤلف الكتاب كان يعيش في إنجلترا ما بين أكسفورد ولندن، وهو بيير دي مولان، ولم يجرؤ بالضرورة أن يلقي بكتابه إلى مطبعة في إنجلترا فأرسله إلىفي هييج، وهو من سلالة اسكتلندية ولكن أباه نزح إلى هولندا؛ ونشر مورس الكتاب وقدم له، وظن ملتن وشايعه في ظنه أكثر الناس أن الناشر هو المؤلف، وكتم مورس حقيقة الأمر كتماناً شديداً فيما يتعلق بمؤلف الكتاب، ولكنه أنكر أنه مؤلفه؛ إلا إن إنكاره لم يزد الناس إلا اعتقاداً بأنه هو فحلت عليه لعنة ملتن وأصحابه أجمعين، وبالغ مورس في كتمان سره وكان شديد الوعي؛ فلو بدرت منه كلمة أو إشارة تنم عن صاحب الكتاب لحاق به وهو على مقربة من كرمول، ومن ملتن سوء العذاب. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>