تقدمت بهذه الدراسة إلى أستاذي الفاضل الدكتور (إبراهيم بك سلامة أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بكلية دار العلوم عام ١٩٤٩ فظفرت منه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
وأنا أهديها أليه على صفحات الرسالة الغراء تحية تقدير ووفاء وتهنئة بظهور كتابه الجديد الخصب (تيارات أدبية بين الشرق والغرب).
(ع. ق)
تمهيد
هذا بحث تكلمت فيه عن أبي هلال - في كتابه (الصناعتين) بين النقد والبلاغة، وكان مما وجهني أليه وحفزني إلى الكتابة فيه أني قرأت كتاب الدكتور محمد مندور (النقد المنهجي عند العرب) فهالني بل روعني أن يكون في القرن الرابع الهجري - وهو ألمع القرون وأحفلها بجلائل الأعمال في جميع أنواع المعرفة عند العرب - رجل بتلك الصفات وهذه النعوت التي أضافها أليه الدكتور، وقلت: ألا يمكن أن يكون في العرض من جانب الدكتور لأبي هلال ظلم للرجل وتحامل عليه؟ وعلى فرض أنه بهذا الفساد وذلك الانحراف ألا يمكن الاعتذار عنه!
وكان أن عولت على لقاء آبي هلال في كتابه والاستماع أليه ثم التحدث عنه بما يثبت حكم الدكتور آو ينقضه كم أذى من نفس قلقها وأراها إلى شيء من الاطمئنان.
وسيستبين القارئ منهجي في البحث: أما أجماله فهو قد جعلته ثلاث مراحل: الأولى: - تمهيد للقاء أبي هلال وذلك أني أحببت أو رأيت أنه لا ينبغي لمن يتصدى للقاء العفو أن يكون جاهلا بطبيعة عملهم ونواحي العبقرية والنبوغ غيرهم في هذا العمل ٠ فكان هذه الإلمام السريع من جانبي بتلك البلاغة والنقد وتطورهما إلى عهده. ومنه وقفت على تشهيد نشأتيهما بل على وحدة الظروف التي خلقها؛ وإذاً فليس الغريب أن يلتقيا في تطورهما اكثر من مرة على أيدي رجال موزعين بينهما أو قد أحاطوا بهما فتكلموا فيها على اختلاف