للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالخروج إلى العدو في أحد؛ فنظر أليها ونظرت أليه، ثم وضع ثيابه عليه وحمل سيفه وودعها. فانحدرت من مقلتيها دمعتان. . ولم تفارقها ابتسامتها.

(٤)

خرج من صفوف المشركين فارس على جواد مطهم، وبيده سيف ثقيل يهزه هزات عنيفة، وينادي بصوت جهير. . كأنما يريد أن يجتاز به السهوب، ويزلزل القلوب. . ليصل إلى يثرب. . بلدته فارقها منذ أمد بعيد، بعد أن قطع على نفسه عهد أشهد عليه اللات والعزى، إلا يترك محمداً يجد في يثرب الراحة والاستقرار نادى في المعركة) (يا معشر الأوس! أنا أبو عامر) فإذا بأصوات المؤمنين القوية المرعدة تصك مسمعه بقوة وعنف: (لا مرحبا بك) وسمع حنظلة صوت أبيه. . ذلك المشرك الذي يحارب الله ورسوله، ويكيد الإسلام؛ فلم يسمعه صوت أب وإنما سمعه صوت مشرك يتحدى المسلمين فأخذته عزة الإسلام فهب يستأذن رسول الله في قتل أبيه فنهاه رسول الله عن ذلك فرجع كئيبا ينظر.

ولما أنكشف المشركون رأى حنظلة أبا سفيان قائد جيش المشركين. . يسير مزهوا يميل برأسه تهيا وكبرا. فأنقض عليه وضرب بسيفه قوائم فرسه فوقع على الأرض يصيح، وحنظلة يريد ذبحه، ولم يكد يرفع السيف ليهوى به على هامة أبي سفيان، حتى أدركه (الأسود بن شعوب) فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه ولكنه وثب كالأسد ومشى في الرمح وقد أثبته، فعالجه الأسود بضربة ثانية فخر صريعا.

وقبل أن يغمض عينيه. . تذكر عروسه وهي تبتسم له وتقول: سيتحقق حلمك يا حبيبي. . ورآها وقد انحدرت من مقلتيها دمعتان. . ولم تفارقها ابتسامة. . ورأى رسول الله يقبل نحوه. . فتعلق بالحياة وهم أن ينهض لاستقبال رسول الله ولكنه وقع على الأرض. . وقبل أن تفيض روحه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأترابه. . بصوت تقطعه الحسرات. . (إن صاحبكم هذا تغلسه الملائكة)

جبلة - سوريا

عمر عودة الخطيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>