سرنا من قصر شيرين تلقاء كرمانشاهان، فمررنا بعد خمسين دقيقة بقرية ذهاب، ثم أصعدنا في جبل شامخ فسيح، فلبثنا بين قممه ووهاده نصف ساعة. وذلكم (كوة باطاق) أي الجبل ذو الطاق. سمي بطاق قديم قائم في منتصف هذه الطريق الجبلية (ثم انبسط بنا السهل نصف ساعة إلى قرية كرند، وهي قرية خضراء مشجرة، وبعد أربعين دقيقة وقفنا في شاه آباد، وهي قرية ذات بساتين فيها ضياع لجلالة الشاه، وباسمه سميت) وله بها دار صغيرة نزلنا بها، فاسترحنا قليلاً وشربنا الشاي، وأكلنا فاكهة طيبة، فيها عنب صغير جيد، وكان ذلك أول ما طعمنا من فاكهة إيران
ثم استمر بنا المسير فاجتزنا جبالاً أخرى إلى كرمانشاهان بعد ساعة وثلث من شاه آباد
وكرمانشاهان (قريسين) مدينة عامرة فيها شوارع جديدة واسعة، وأسواق كبيرة. وموقعها على درجة ٣٤ من العرض، و٤٧ من الطول، في بقعة طيبة الهواء يسقيها نهر قره صو. وهي على الجادة الكبرى من بغداد إلى همذان، تبعد عن كل منهما خمسا وستين ومائة كيلو. أنشأها الملوك الساسانيون، وكانوا يقيمون بها أحيانا. ونزلها في العصر الإسلامي الخليفة هارون الرشيد، وعضد الدولة البويهي، ولم تبلغ مكانة عظيمة إلا في القرن العاشر حين اتخذها الملوك الصفويون قاعدة لمحاربة الدولة العثمانية
والمدينة في وسط والية كرمانشاه. وهي الأرض التي قامت عليها الدولة الميدية القديمة، وفيها من المدن والقرى قصر شيرين وكرند وأسد آبار وكنكاور أو كنكور (وكانت تسمى في العصور الإسلامية الأولى قصر اللصوص) وبيستون ونهاوند وخرائب الدينور. وبها آثار عن الأكمينيين والساسانيين. وهي من أغنى ولايات إيران
نزلنا من المدينة في دار أحد كبرائها - معتمد الدولة. وهي دار جميلة ذات حديقة كبيرة. وفيها بناء على يسار الداخل استرحنا به وغسلنا عن وجوهنا غبار الطريق. ثم سرنا في