للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحديقة في مستوى به حوض كبير فصعدنا درجات كثيرة إلى مستوى آخر فيه حوض يسيل الماء منه إلى المستوى الأسفل مترقرقاً على درجات السلم فيملأ العين رواء. وعلى المستوى العالي بناء آخر صعدنا إليه درجات، فاجتمعنا للغداء وخطب معتمد الدولة مرحباً بنا، وأجابه أستاذنا سير دنسن رس. ثم أخذت صورتنا على الدرجات التي بين المستويين (وقد نشرت هذه الصورة في جريدة البلاغ). وانتقلنا من بعد إلى دار أخرى في أقصى المدينة لأحد الأعيان - أمير الكل، وهي دار واسعة بها حديقة جميلة، فيها أحواض ونافورات كثيرة، فتقسمنا حجراتها للمبيت. وهاتان الداران تشهدان بما لأهل إيران من كلف بالحدائق والمياه، وبراعة في تنسيقها

وخرجنا في المساء لنرى الآثار (طاق بستان) على أربعة كيلات من المدينة في لحف جبل شاهق مشرف على الجادة. وهو طاق من آثار الساسانيين يقابل داخله تمثال فارسي منحوت في الصخر، وهو فيما يظن تمثال كسرى برويز على فرسه شبديز، وبجانبه تمثال شيرين زوجه، وعلى جانبي الطاق نقش كثير يمثل الصيد في اليبس والماء وغير ذلك. وفي أعلى الجانب الأيسر صورة فتحعلي شاه وجماعة من رجاله منحوتة في الحجر. أراد ذلك الملك أن يزاحم كسرى برويز في داره والجبل فسيح، وأرض الله واسعة. وشبديز ومعناه (هادي الليل) فرس لكسرى برويز مشهور في قصص الفرس وشعرهم، وفي الشعر العربي أيضاً. ومما يقص عنه ما رواه ياقوت في المعجم: (وكان سبب صورته في هذه القرية انه كان أذكى الدواب، وأعظمها خلقة، وأظهرها خلقا، وأصبرها على طول الركض. وكان ملك الهند أهداه إلى الملك ابرويز. فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه؛ ولا ينحز ولا يزبد، وكانت استدارة حافره ستة أشبار. فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه، وعرف ابرويز ذلك، وقال لئن اخبرني أحد بموته لأقتلنه. فلما مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدا من أخباره بموته فيقتله، فجاء إلى البلهبذ مغنيه، ولم يكن فيما تقدم من الزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود، والغناء - قالوا كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله: فرسه شبديز، وسريته شيرين، ومغنيته بلهبذ - وقال: اعلم أن شبديز قد نفق ومات، وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبر بموته. فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا؛ فوعدها الحيلة. فلما حضر بين يدي الملك غناه

<<  <  ج:
ص:  >  >>