للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في ربوع جوته وفرتر]

من الرسالة

فرنكفورت - صباح الأحد ٨ يونيو سنة ١٩٢٤

. . . الأسرة التي أقيم فيها مؤلفة من أرملة وأولادها: بنتين وصبيا أصلهم من الريف، من وتسلار حيث كان جوته موظفاً، وحيث عرف شرلوت واحبها، وكتب الأم فرتر - نزحوا إلى فرنكفورت طلبا للعيش، وسأقص عليك الآن قصة كبرى الابنتين، ويبلغ عمرها أربعة وعشرين عاما -

عرف قلبها الحب وهي في السادسة عشرة حينما كانت في وتسلار، وأحاطت بحبها ظروف قاسية اضطرته ان يتزوج من سواها، فلم تطق البقاء في وتسلار فرحلت إلى فرنكفورت تبحث عن وظيفة. . . وتبعها شاب من مواطنيها كان يحبها ولا يجرؤ على التصريح لها بحبه. تبعها ليدرس بالجامعة، واصطحبا وتكتم الحب ثلاث سنوات قضي اثنتين منها في ميدان القتال، فلما انتهت الحرب عاد إلى فرنكفروت ليتم دراسته، وعادت علاقة فلتر بحبيبته تيا

باح لها بحبه وطلب يدها، وظنت هي أنها تحبه فأجابته بالقبول، وتمت الخطبة، ومرت سنتان وهو يستعجل الزواج فتؤجله محتجة بغلاء الأثاث وهبوط قيمة المارك في ذلك الحين، فلما زاد إلحاحاً صارحته برغبتها في فسخ الخطبة، لأنها لا تستطيع أن تجد معه السعادة التي تنشدها، فهي مادية وهو خيالي، هي تحب الرقص ولا تفهم الموسيقى، وهو يحب الموسيقى ولا يعلم الرقص، فكانت بينهما القطعية.

وهنا انقل إليك أيها الصديق قطعا من رسائله التي كتبها بدموعه بل بدماء قلبه، والتي أطلعتني الأم عليها ذات مساء وتركتها لدي ليلة لأقرأها.

يقول فلتر في خطابه الأول: (مهجور! أنا مهجور! وما أطول الليل على مهجور مثلي في هذه المدينة الكبيرة! لو كنت في قرية صغيرة لخرجت إلى الجبال والغابات أشكو إليها حبي وأحدثها عن بؤسي، ولكني في هذه المدينة الكبيرة إذا خرجت لا أجد إلا السكارى وهم عائدون آخر الليل إلى مساكنهم، والنساء الخليعات وهن يتسكعن في زوايا الطرق وعلى مقاعد المتنزهات) وعلم أن (تيا) أخذت ترفض تسلم كتبه، فكتب إلى أمها يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>