حانوت خمار فطلب إليه أن يسايره حيث هو ذاهب (وكان لا يزال في القنينة نحو ثلثها) فأبى قائلاً وبلسانه التواء من اثر السكر.
مضى بها ما مضى من عَقل شاربها ... وفي الزجاجة باقٍ يطلب الباقي
ولا أدري إذا كان هذا البيت من مقولة أو قديم، ولكنه على كل حال دليل على سرعة ارتجاله أو سرعة خاطره.
ومما يدل على ظرف هذا الرجل أن حضرة القاضي رئيس المحكمة كان معتاداً أن يقبل الموظفون (وهو معهم) يده عند كل صباح. ولكنه بلغه مرة انه مدمن على الخمر، وانه يعترض في الطرقات الفتيات المتجرات بالهوى، فغضب عليه وأسرف في تعنيفه حتى إذا ضاقت نفسه خرج من صمته صائحا ليكن ما بلغ فضيلتك عن صحيحا فمالك وسلوكي في غير أوقات عملي. وعند ذلك جن جنون الشيخ وصرخ فيه ان اخرج من هنا. أنت طالق. أنت طالق. أنت طالق. . .!
وفي صباح اليوم التالي لم يره الشيخ مع باقي الكتبة فتذكر ما كان من أمره معه بالأمس، وأرسل في طلبه، ولكنه أبى أن يحضر فذهب إليه بنفسه، وعند ذلك أسرع صاحبنا فغطى وجهه بطرف ثوبه. . . وفي هذه الحركة من حسن الإشارة ما فيها بعد صدور ذلك اليمين. . .