حمى الحرب تهز أطراف كل إنسان. ولئن اختلف الناس في ضرر الحرب وضرورتها فأنهم يتفقون في وجوب الاطلاع على تاريخها وحالة جندها ونتائجها. ومصر أمة قديمة لها تاريخها الرائع الذي صحب المدنية من مهدها إلى الآن والمطلع على تاريخها يجد فيها تطور الأسلحة وأدوات القتال من المقطع الصخري إلى المدفع المدمر. فإذا جاز للأمم أن تشيد لها متاحف حربية فأن مصر أولاها بهذا الحق
وقد شرعت وزارة الدفاع الوطني في تكوين نواة هذا المتحف ووصلت إلى نتائج طيبة. وأتيح لي أن أجول في هذا المتحف وهو في فترة تكوينه. وهاأنذا أقدم للقارئ بعض ما رأيت راجياً أن يتاح له في القريب العاجل أن يرى هذا المتحف بعد أن يتم أمينه النقيب عبد الرحمن زكي أفندي جزءاً من برنامجه، ولست أقول كله لأني أعرف أحجامه ومراميه
خمسون قرناً من الزمان
إذا خلوت إلى نفسك وطاب لك الاستجمام فاستعرض في مخيلتك تاريخ مصر الحربي منذ فجر التاريخ إلى الآن. فتصور كيف كان المصريون يكافح بعضهم بعضاً في عصور ما قبل التاريخ. ثم كيف كانوا يغزون القرى والبلاد ويفتحون الممالك في عصر الأسر الفرعونية وفي عصور الفرس والرومان والبطالسة وفي العهود الإسلامية. واستمر في وصل حلقات التاريخ من عصر المماليك إلى الآن؛ ولا يفوتن مخيلتك أن تستعرض الأسلحة التي استعملوها والملابس التي ارتدوها والأسلاب التي غنموها والقلاع التي حصنوها والمواقع الحربية التي اشتركوا فيها بما في ذلك صور أبطال تلك المعارك
وقدر بعد هذا كم تكون هذه الصورة واضحة، وماذا تعرف من تاريخ مصر ومن سير أبطال مصر. ولقد جلست من قبلك فوجدت أن حقباً كاملة تمر غامضة؛ بل إن أكثر الفترات وضوحاً لدي كان ينقصها كثير من التفاصيل. حتى الفترة الحالية مع أني أعيش