(كتب كثير من هذه الخواطر في (الرستمية) بالعراق العزيز،
فهي مهداة إليه)
وما رأيت أرضاً يعنف فيها الشعور بالحياة كالعراق!
فهناك طلاسم مخبوءة في التراب والأعشاب للسحر وتفتح القلب للحياة والحب. . .
وهناك تاريخ البشرية الأولى يحرك في نفس الحي الحس بالزمان. . .
وهناك سحر هاروت وماروت لا يزال يجدد شباب قلب القارة العجوز: آسيا. . .
حيث يفيض الماء دم الحياة غزيراً مدراراً. . .
وحيث يفور النفط نهر اللهب غزيراً مدراراً. . .
فينبت من بينهما إنسان ذو جذوة بيضاء وأخرى حمراء! في جماجم عاتية عمرت الحياة بالنسك والفتك في حياة الهوى وحياة الضلال. . .
وهناك ملتقى الكيد وحرب الأجناس والأجيال في تلك الأرض السوادء، على هامش الصحراء الصفراء، وبين هضبة إيران وجبال كردستان تلتقي الأنواع من إنسانها وحيوانها وحشراتها. . . ففيها من كل جنس شاخص أو طلل. . . هبت على قلبي فيها ريح الشمال من صحارى القرغيز وسهوب سيبريا، وريح الجنوب، من خضم تحمل مواعينه الطيوب والأفاويه، والسحر الأسود من القارة السوداء وجزر الهند؛ وريح النار من أرض الفرس؛ وريح الموت من الهند أرض الاستغراق وفناء الأجساد وجنون الأرواح بالأسرار، وانسلاخ القوى وتجسيم الخيال!
إنها طلعة جبارة من طلعات الطبيعة تطلق أشباحاً ترقص في الأوهام والظنون. . .
فلا عجب إذا وعيت بعد هذا كله من أسرار الحياة ما جعل فكري دائم الصلاة!
١١ - أبجد
أبداً أكرر دروس الطفولة فأتهجى أسماء الأشياء حتى لا أنسى. . .