لكل إنسان في هذه الحياة أهداف يرمي إليها، لكنهم قلما يشتركون في هذه الأهداف؛ إلا أن هنالك غاية واحدة يشترك البشر كلهم فيها. هذه الغاية هي السعادة.
إن هذه الغاية التي عرفها علماء النفس (بعامل اللذة) تكيف أعمال الإنسان، وتتحكم في تصرفاته، وتدفعه إلى سلوك السبل التي توصله إليها فتمهد له حياة مرحة وعيشة رخية
وفي الواقع أن هذه اللذة قد تختلف باختلاف البيئة والوسط وقد تتباين بتباين الجنس والعمر، فاللذة التي تنساق إليها الفتاة أو المرأة هي غير اللذة التي يتجه إليها الفتى أو الرجل، كما أن لذة الأطفال هي غير لذة المراهق والشيخ
بيد أن البيئة والوسط لهما أثرهما في توجيه هذه اللذة وتكييفها حسب النظم الاجتماعية والقوانين الأخلاقية، والطرق التربوية التي يعيش الفرد في كنفها ويتفيأ ظلها؛ ولذة الطفل تتمركز في لعبه المختلفة الأنواع، فهي أولى رغائبه، وقبلة أنظاره، ومحط آماله، وهدف أحلامه
والتربية الحديثة تقوم على تهيئة الوليد للمستقبل، أي أنها تؤهله للحياة، والتأهل للحياة إنما يكون في الاهتمام بميوله، ومعرفة غريزته، وتعهد حاجاته في دور طفولته الذي هو وقت نموه وتقدمه، لذا كان من أقدس الواجبات على المرء أن يهتم بهذه المرحلة من حياة الوليد، وما تفتقر إليه من عناية
وما العناية إلا تهيئة أجواء من الحياة، تسمح للوليد بالنمو الطبيعي في الجسم والعقل والخلق، ولا يتوقف هذا النمو على ما يكتنفه من العوامل التربوية والاجتماعية، وما يحف به من العناصر التهذيبية والأخلاقية وحسب، بل يتوقف على ترك قوى الأطفال وغرائزهم وميولهم في جو حر طليق لا يقيده نظام ولا تحده إرادة؛ والطبيعة هي الجو الطليق للطفل، توجب عليه أن يعيش عيشة الأطفال، وتلزمه أن يحيا حياتهم، وتحمله على أن يلعب لعبهم، من تلقاء نفسه، وبكامل حريته، كما تتطلب مصلحته، وتقتضي غريزته
فالطفولة هي أهم الأدوار التي يمر بها الإنسان إذ تكون طبيعة الوليد سريعة الانفعال شديدة