منذ أسابيع خمسة، قرأنا في بريد الرسالة الأدبي كلمة العتب والبيان التي أطل بها علينا الأستاذ الأديب الشيخ علي الطنطاوي وبها يعتب على أدباء مصر ونقادها لإهمالهم واجب النقد والتقريظ لعشرات المؤلفات التي صدرت في العاصمة الأموية
وبقدر ما سرنا عتب الأستاذ وتذكيره، كان عجبنا بالغاً أشده، ذلك أن الأستاذ غاب عن باله - فيما أعتقد - أنه أنكر على دمشق العزيزة وجود حركة أدبية فيها لذا فنحن نقف اليوم تجاه رأيين متضادين لكاتب فاضل واحد، لا ندري أيهما نصدق، ولا بأيهما نأخذ، فإذا كان الأستاذ ينكر وجود الحركة الأدبية في دمشق، فقد نقض (بعتبه وبيانه) رأيه الأول، إذ كيف يصح أن تنشر دمشق الحبيبة هذا العدد الضخم من الكتب والمؤلفات، ثم يُنكر عليها الأدب؟. . .
بين يديّ الآن عدد الرسالة الأخير ذو الرقم ٣٦٩ وبه تناقش الأديبةُ الكبيرةُ السيدة وداد سكاكيني بعضَ أقوال الأستاذ الطنطاوي في (عتابه وبيانه).
والسيدة وداد من أديباتنا النوابغ ذوات العواطف الوطنية المرهفة، يدل على ذلك كتابها (الخطرات)، وهي بحكم هذه العاطفة الوطنية المستمرة تأبى أن يقول الطنطاوي عن دمشق إنها (أنها مُتَّبِعة في أدبها لا مُتَّبَعة، مقلدة لا مبدعة) وتقول السيدة وداد:
(إن دمشق الشام لها كيان أدبي مرموق، وفيها أهل معرفة وثقافة، فينبغي أن تفرض أدبها فرضاً، وأن تسم آثاره بمياسم خاصة تميزها من غيرها وتكون دليلاً عليها)، ودمشق العزيزة سيدتي، كما يشاء الواقع والحقيقة، مقلدة متبعة - وأقولها بكثير من الأسف والألم - تتقفى خطوات المصريين، وأبناؤها يقرءون على الدوام آثارهم وينهجون نهجهم. ونحن وإن كنا نعجب بالثقافة المصرية، وبكثير من الأدباء المصريين، ونقر لمصر بالزعامة والتفوق، ولكننا - إلى ذلك - نرغب في استقلال أدبنا وثقافتنا، ونحب أن يكون أدبنا ذا كيان خاص، ومياسم تميزه من غيره، أما أن نفرض أدبنا فرضاً - ولا ندري على أي قطر تريد السيدة أن نفرضه! - فهذا أمر يحتاج يا سيدتي إلى عشرات من السنين، إذ ليس فرض الأدب والثقافة من الأمور الهينة السهلة كما تخالين، ولا سيما لبلد له شأن كشأن