للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هنا ومن هناك]

أركان الحرب محور الدفاع الوطني

(عن مجلة (لموا الفرنسية))

يظن الكثيرون أن مهمة أركان الجيش محصورة في رسم خطط المعارك وإصدار الأوامر لقَّواد الجيوش، ويتساءلون دهشين: (بأية وسيلة أو أعجوبة يتلقى قوَّادنا في المكان المحدود والساعة المعينة القوات المستمدة والكميات المطلوبة من الذخائر والمؤن والملابس وسائر المعدات الحربية؟)

من المعلوم أن شعب فرنسا يعمل بأسره في سبيل الجنود الذين يحاربون من أجله، ومن المجهول تلك القوة الخفية التي تُعدُّ وتنظم الجنود وتجهّز وتوزّع المعدات الحربية. وقد لا يخطر للكثيرين أن تلك القوة مصدرها أركان الجيش التي تتخذ باريس قاعدتها ووزارة الحربية مركزها. وإذا جاز لنا أن نشبّه القوى العسكرية بالجسم البشري، فالجنرال غملان يمثّل الرأس وأركان الحرب تمثّل القلب وإذا كان القلب هو مصدر الحياة في الجسم والمحرك الدائم الحركة الذي إن توقف لحظة شلَّت كل الأعضاء حتى الرأس نفسه، فأركان الحرب هي مبعث كل قوة ومصدر كل تنظيم في الجهاز العسكري

لدى أركان الجيش جيش صغير من الكتّاب يعمل نهاراً وليلاً في ساعات معينة بإدارة بضع مئات من الضباط والاختصاصيين المسؤولين، وفي مكتب رئيس أركان حرب الخرائط الحربية والخطط العسكرية والمعلومات الوافية التي تنبئ دائماً عن مواقف الجيوش في ساحات القتال وعما لديها من الذخائر والمؤن وغير ذلك مما يطول شرحه

ولنذكر الآن شيئاً مما تبذله أركان الحرب في إعداد المعدات الحربية. فمن المعلوم أن في فرنسا بضعة آلاف من المصانع الحربية يعمل فيها مليون عامل وعاملة، وقد كان نتاج هذه المصانع في الحرب الكبرى يفوق نتاج أية دولة من الدول المحاربة والمحايدة، وعلى رغم احتلال ألمانيا لمقاطعاتنا الصناعية في الشمال فقد كنا نمدّ حلفائنا بما يعوزهم من المعدات. فإذا طلبت القيادة من أركان الجيش مثلاً بضعة آلاف من لوالب مدفع ٧٥ فما هي إلا دقائق معدودة حتى يباشر تجهيزها في المصانع، وفي أقل من يومين تتسلم أركان الجيش الطلب وترسله إلى القيادة. ولكن إذا روعيت هذه الدقة في الحرب الحاضرة التي لم يعرف جنودنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>