. . . وهذا يوم من أيامك الزهر الوضاء يا مولاي، يعتز ويتيه على الزمن كله، ويختال على أيام هذا البلد الأمين، بأنه كان فجر السعد وفتح اليمن، وبداءة النصر بعد عنت الجهاد، ولمعة الأمل في ألم الليل الذي تحلك وتدجي، قم امتد واستطال.
هذا يا مولاي أول أيامك على الدنيا يعود، وما يزال يعود. أشرق - يوم أشرق - على هذه البلد السعيد إشراق العز، وهل عليه كصيب الغيث. ثم سعى فيه كسعي النسيم الريان، فكان بشراً بين يدي رحمة الله التي غمرت أقاصي هذا الوادي ودانيه، وكان نعمة فاضت بمددها الذي لا يفيض، وخيرها الذي لا ينتهي، وبرها الموصول أن شاء الله.
هذا يا مولاي أسعد يوم أحق أن أقول فيه. . . عادت مصر به وكأنها نفس سابحة على مد أملها تستشرف العز الذي انحسرت عنه ظلمات الأفق وتستحث المجد الذي بدا صوراً آخذاً بعضها بيد بعض، وتتعجل النصر الذي رصدت مطلعه متلهفة صابرة منذ آماد طوال!
ولقد شاء القدر الراحم أن يكون ميلادك، يا زين الشباب، أول منحة بعد أطول محنة، وإن يكون بهاء بعد رهق البلاء. وذلك فيض من الله عميم، فإن الفضل للمحنة أن تكون طهرة واستعداداً وتهيؤاً لتكون المنحة إثرها وثوباً إلى الغد، وتطلعاً نحو المجد.
ثم أشفق هذا القدر على هذا البلد، وأنت يا مولاي حل بهذا البلد، فوسم أيامك عليه بالخير واليمن وجرى فيه أمداداً متلاحقة من العز واليسر، وتبدي في رحابه رؤى رائعة كلها نصر وتوفيق، حتى بلغ القمة، وتسنم الذروة. . . ثم حمل الراية ومضى يقود الشرق العظيم إلى منازل العزة ومشارف المجد. . .
ومن ثم كانت ذكرك يا مولاي تدرج على ربوع هذا الوادي الأمين. وكأنها منى حلوة تراوح قلب عذراء موعودة. أو كأنها نسمة تناسم روح حبيب فكنت يا مولاي المنى والنسمة. . . وكان شعبك الوفي الكريم، القلب الموعود، والروح المنتظر!