من الكتب ما يستهويك بطرافة الفكرة وجمال الأسلوب وحسن الاختيار فتقبل عليه راغبا، وإن خالفك مؤلفه أحيانا في الرأي والاتجاه. ذلك لأنالجديد الطريف يبعث فيك الشوق إلى المتابعة، ولذة الأسلوب تمتع نفسك المخلصة للفن، وحسن الاختيار يوقظ إحساسك وينبه عواطفك.
ومن الكتب ما يستل منك الصبر، ويفسد عليك حاسة التذوق للجمال؛ لأنك تجد نفسك في كل لحظة أمام رأي مسبوق أو تطويل مخل، أو فساد في التعبير، أو لغة غير مهذبة في النقد والتعليق.
وقد اجتمع في (ثقافة الناقد الأديب) للدكتور محمد النويهي من ألوان الفساد ما لو شئت أن أعدده وأفصله لطال بي الكلام وأدركني الملال، ولهذا آثرت الإشارة العابرة إلى موطن الضعف ورجوت أن أعين القارئ على الاستقصاء إن أراد ذلك، وقدر له أن يقرأ الكتاب.
ادعاء:
إلا دعاء المريض الذي لا ينهض على أساس صفة ظاهرة في المؤلف؛ فهو يحاول أن يرغمك في كثير من المواضع على الإصغاء إليه حين يثنى على نفسه ثناء لم نعهده من أكبر الكتاب، فهو مثلا يقول مخاطبا النقاد جميعا:(فليس غرضي أن أهول عليكم الأمر ولا أن أفخر عليكم فخرا مستورا بمبلغ علمي أنا وسعة إطلاعي، إنما غرضي الوحيد أن أنصحكم مخلصا بما أعتقد أنه الحد الأدنى الذي يلزمكم معرفته).
ولم لا يفخر عليهم فخرا مستورا أو مكشوفا؟! وهو واحد من عشرة في الشرق العربي، أو واحد من خمسة، أستغفر الله بل واحد من ثلاثة. أليس هو القائل: (فما أظن أن في الشرق العربي كله - من غير المتخصصين في علم الفلك - عشرة يفهمون معنى البيت المشهور لامرئ القيس: