إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل
أو هذا البيت لأبي ذؤيب:
فوردن والعيوق مقعد رابئ ... الضرباء فوق النظم لا يتتلع.
ألم يقل في مكان آخر:(وما أظن في الشرق العربي كله من رجال الأدب والنقد خمسة يفهمون وصف علقمة للظليم الذي يبدأ بقوله:
كأنها خاضب زعر قوادمه ... أجني له باللوى شرى وتنوم
ألم يزعم أنه واحد من ثلاثة حين دعا النقاد جميعا - ما عدا الدكتور طه حسين والأستاذ العقاد - أن يمسكوا عن الكتابة والتأليف خمس سنين، حتى يتثقفوا ويعدوا أنفسهم إعدادا صالحا (فخير ما تفعلون وأجمل خدمة تستطيعون أن تقدموها للأدب، هي أن تنقطعوا عن التأليف في هذا الأدب بل عن قراءته للسنوات الخمس القادمات. وتلتفتوا فيهن إلى دراسة الأدب الغربي). أما هو فلا ضير عليه أن يؤلف (ثقافة الناقد الأدبي) لأنه ثالث ثلاثة، وقد شاء الله أن يهبه من الثقافة والبيان ما لم يؤت عيره من بني الإنسان.
وليس عجبي من هذا الادعاء بأقل من عجبي من هذه الأحكام التي يلقيها جزافا دون تحقيق ولا تمحيص، فكيف عرف أن الذين يعرفون ذلك خمسة؟ وكيف نطمئن إلى ما أصدر في كتابه من أحكام؟! بل كيف نعتده مؤلفا يرشد النقاد إلى ما يعملون؟!
تطاول ومغالطات:
إنك لتجد تناقضا عجيبا بين مسلك صاحب الكتاب وبين ما يدعو إليه؛ فبينا يثني على أحد الكتاب فيقول:(فهو يقدس كل جزء من ثقافته التي حصلها ودليل هذا التقديس واحد لا يخطأ: نظافته التامة أعني ترفعه عن المغالطة والمهاثرة، إذا بك تراه يتطاول على أعلام الأدب بكلمات لا تليق من ناقد مثقف. فاستمع إليه معلقا على كلام للأستاذين الزيات والإسكندري: (ما أشبه هذا الكلام بهذيان المحمومين وهراء المخمورين. إن كان زهير قد تميز حقا بقلة السخف والهذر، فإن هؤلاء السادة قد امتازوا بكثرتهما. . .). ويقول عن الأستاذ العقاد:
(العقاد هنا ليس العقاد الذي نعرفه، بل أشبه بصبي المدارس الذي يندفع في حرارة وجهل معا إلى إلقاء التقريرات العلمية. . .).