[ما دمت أنت معي]
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
ما دمت أنت معي، فلست بآسف ... إن فاتني شيء من الأشياء
حسبي من الدنيا جمالك مونقاً ... متفرداً بالسحر والإغراء
وشبابك الداني القطوف، وإن يكن ... أنأي على غيري من الجوزاء
وربيعك البكر الذي لم تأته ... رؤيا خريف، أو خيال شتاء
وهوى بقلبك قد تفيء ظله ... قلبي، ففاز بلذة النعماء
يا روح أحلامي الذي استودعته ... حبي، وكامن لهفتي، ورجائي
يا سر أشواقي الذي ناديته ... منذ انتفضتُ، بمهجتي ودمائي
يا نبع إلهامي الذي غنيته ... فشدا، وبارك فرحتي وغنائي
وبكيت فانتفض الحنان بقلبه ... دمعاً يواسي أدمعي وبكائي
يا نور أيامي الذي وافيته ... فانساب فجر منه في ظلمائي
أنت التي جعلت شبابي جنة ... قد أيعنت بربيعك الوضاء
شرب العبير بها - فطار مرنَّحا - ... خمر السنا، وسلافه الأنداء
الطير في أفنائها مترنم ... والزهرير قص فوق صدر الماء
والنسمة العذراء تجعل خطوها ... نغماً، ككل مليحة عذراء
أنت التي ملأت حياتي فرحة ... غنى بها قلبي أرق غناء
أنت التي ألهمتني شعر الهوى ... حتى سموت به على الشعراء
كنا معاً طفلين لا ندري الهوى ... إلا حنيناً مبهم الأصداء
ومضى الزمان بنا يصوغ شبابنا ... في قدرة وبراعة وخفاء
حتى انتفضتُ على صبابة آدم ... وأفقتِ أنت على هوى حواء
فعرفت أن الحب أشعل في دمي ... لهباً، وشب النار في أحنائي
وسألتني عن سره ببراءة ... فأجبتُ: تلك طبيعة الأحياء!
ومضى الزمان بنا، فكان زماننا ... سحر الحياة وروعة الأشياء
وعلى يديك شربت من خمر الهوى ... ناراً تحنُّ لمسها أعضائي