في هذا الزمان متى كان عدد شيء يتجاوز المألوف قيل إنه يعد بالأرقام الفلكية. في حرب روسيا مع اليابان في أوائل هذا القرن كان ربع مليون ياباني مقابل ربع مليون روسي، فقيل هذا عدد من الجيوش لم يسبق له مثيل، حتى إذا زاد عدد الجيوش على هذا القدر قالوا هي أرقام فلكية.
وصار عدد الجيوش في الحرب الأخيرة يعد بالملايين فلا بدع أن يوصف بالأرقام الفلكية. ولما كانت أمريكا تنفق فيها كل يوم ٦٤ مليون ريال، وإنجلترا تنفق ١٤ مليون جنيه، قالوا هذه أرقام فلكية، وكذلك قيل لما خسرت روسيا في الحرب عشرين مليون جندي ذلك لأن في علم الفلك أرقاماً لا يكاد يتصورها العقل ولا سيما أرقام الأبعاد والمسافات بين النجوم والكوكبات فلم يعودوا يحسبون هذه الأبعاد بالكيلومترات أو بالأميال، بل صاروا يحسبونها بمقدار سرعة النور. فما يقطعه النور في ساعة أو يوم أو سنة صاروا يحسبونه مقياساً على اعتبار أن النور يقطع في الثانية مسافة ٣٠٠ ألف كيلومتر أو ١٨٦ ألف ميل. فالأرض تبعد عن الشمس ٨ دقائق بهذا المقياس. فلنر ما هي أبعاد الأجرام الفلكية وكيف تحسب. ولنبتدئ بأقربها للأرض، ثم نتقدم صعداً إلى أن يحار العقل في الأرقام والأبعاد.
القمر أقرب جرم إلى الأرض وهو مولودها، يبعد عنها نحو ٢٣٩ ألف ميل. ولما كان محيط الأرض نحو ٢٥ ألف ميل كان أنه إذا تدحرجت الأرض نحو القمر فقبل أن تتم العشر قلبات تصل إلى القمر. ولو أمكننا أن نقطع الأرض قطعاً كل قطعة بقدر القمر لأمكننا أن نفصل من الأرض ٤٩ قمراً.
والشمس تبعد عن الأرض ٩٣ مليون مليون، فلو تدحرجت الأرض نحو الشمس لقلبت على نفسها نحو ٣٦٥ قلبة تقريباً قبل أن تصل إليها. ولكن يجب أن نخرج نحن منها قبل أن تشرع تتدحرج، لأن حرارة الشمس تحرقنا عند أول قلبة تقلبها الأرض.
ومتى وصلت الأرض إلى الشمس صهرتها حرارة الشمس التي تبلغ عند سطحها ٦ آلاف درجة بمقياس سنتغراد. وإذا سقطت الأرض المصهورة أو المتبخرة إلى باطن الأرض