حدثت قراء (الرسالة) قبلاً عن الشيخ الجليل العلامة خليل الخالدي، وذكرت طرفاً من علمه بالكتب العربية ومؤلفيها ومواضعها من دور الكتب في البلاد الإسلامية كلها وفي أسبانيا
وقد سعدت بلقاء الشيخ مراراً من بعد في مصر والشام ووجدت معرفته بآثار دمشق مساجدها ومدارسها ومزاراتها ليست دون علمه بالكتب والمؤلفين
وقد شرف الشيخ حلوان منذ حين فساق الحديث إلى الكتب فأفاد وأمتع. فجنيت من حديثه هذه الثمرات:
قال إني في حيرة من أمر هذا الشريف الإدريسي مؤلف نزهة المشتاق. أعجب من رجل شريف يدخل في خدمة ملك صقلية والحروب الصليبية مستعرة، ويكتب للإفرنج عن البلاد الإسلامية فيصف لهم ثروتها وطرقها ومياهها، ويقول عن كنيسة المسيح: القبة الشريفة، وعن صخرة بيت المقدس: الصخرة التي يعتقد فيها المسلمون
ولولا أني قرأت هذا الكلام في نسخة صحيحة نقلت عن نسخة بخط المؤلف وكانت في خزائن الموحدين - وهي اليوم في كتب السلطان محمود في استنبول - ما آخذت الرجل بهذا الكلام خشية أن يكون بريئاً منه
والإدريسي في كتابه عالة على الإصطخري وابن خرداذبة، والهمذاني، وابن حوقل، وابن واضح
وسرنا في شعاب الحديث حتى ذكرنا ابن الأثير صاحب المثل السائل فقال: أديب كبير ولكنه ليس ثقة - والشيخ ينقد المؤلفين على طريقة المحدثين - قال: وقد طعن فيه الوزير القفطي وهو وزير عالم ثبت، ومن المؤلفين غير الثقاة الفتح ابن خاقان صاحب قلائد العقبان. طعن في ابن باجة بغير حق، وابن باجة من أجل علماء الأندلس وفلاسفته، وكان الفتح رجلاً يعيش في الخانات، وقد جلده القاضي عياض في الخمر، وقد مدح هو عياضاً قليلاً خوفاً منه