حق أن يدعو عيد الوطن الاقتصادي إلى صناعة مصر وتجارتها، فليس أسمى من دعوة تحمل في طياتها كل ألوان الخير لبلد تتعاون عليه كل أساليب الشر، وحق أن ينشد هذا الغرض ويسعى إلى هذه الغاية بان ينظم لنا عيدا كل عام. وأن يصدر دليلا بأسماء متاجرنا ومصانعنا الوطنية القمينة بتشجيعنا، الجديرة بعطفنا وإيثارنا، وان يقيم مهرجانا صناعيا، تنصب فيه أسواق الصناعة المصرية، وتسعى فيه مواكب الدعاية للصناعة المصرية، ويفسح فيه للقومية المصرية. وحق ان يدعو الشباب المتطوع من جنود الفكرة الأمجاد إلى أن يبدءوا بأنفسهم في إعزاز صناعة بلدهم، فيلبسوا من قطن مصر الخالص لباسا هو رداء الشرف بعينه: بدلة رمادية وأقمشة صافية الزرقة، لا تقتضي اللابس أكثر من قروش معدودات تعلن عن متانة الصناعة المصرية ورخصها، وتفيض على صاحبها راحة في الضمير، وتسكب في قلبه هدوء الاطمئنان إلى أداء الواجب. حق كل هذا، ولكن أي أثر يكون من وراء هذا كله؟ أيقف الأمر عند تشجيع صناعتنا والدعوة إليها؟ رسالة عيد الوطن الاقتصادي اعمق أثرا، وأرحب أفقا، وأوسع مجالا، وما هذا إلا مظهر لما تسعى إليه، إنها تبغي أن تبشر في الناس بدين المصرية الكريمة، وتحملهم على الإيمان بها والاعتقاد فيها، تبغي أن يعيش المصري عزيزا في مصره، فخورا بها، هاتفا لها في كل لحظة وفي كل آن، ولو تضافر عليه باطل هذا الوجود كله يريد أن يسد الفم ويقطع على الصيحة سبيل الانطلاق. . إنها تبغي أن تمكن لمصر من عناصر السيادة والسلطان، بعد أن طال بها القعود على المذلة والسكون إلى الهوان. . . يريد عيد الوطن الاقتصادى، أيها الشبان، أن يتعجل اليوم المشرق السعيد الذي يجب أن تعيش فيه مصر للمصريين. .