ان اشد ما تشكو منه الصناعة المصرية في الوقت الحاضر روح الانصراف عنها البادية من جانب أبناء الوطن نفسه، وإذا كانت الصناعة المصرية تريد لنفسها حياة فإنما تطلبها من أبناء مصر أنفسهم فانهم أهلها وعدتها. والواقع ان الجيل الحاضر ورث عن الجيل الماضي روح الاستخفاف بصناعة مصر، فقد علق بالنفوس في القرن الأخير أننا أمة لا تجيد الصناعة، فتحولنا عن شرقيتنا ومصريتنا إلى تقليد الأوربيين، وتعاقبت السنوات ونحن عن مصلحة مصر للاقتصادية ساهون، وعن الإيمان بنجاحها الصناعي غافلون. ولقد قامت في مصر صناعات ونمت، ونشأت مصانع وتقدمت ثم أقيمت المعارض فثبت فعلا خطأ الفكرة القديمة وهي استحالة قيام الصناعة في مصر. وقد أيد الواقع الملموس أن في مصر صناعات، وأنه يمكن أن تنشأ صناعات أخرى وتزهو وتزدهر، ومع ذلك كله لا تزال الفكرة القديمة عالقة بالأذهان، ولا يزال الكثيرون منصرفين عن تعضيد منتجات البلاد، بل منهم من لا يزال يتشكك بوجود صناعات بمصر. ولو أن كل مصري ومصرية آمن بوجوب الإقبال على صناعات وطنه، ولو أنه أصر في كل مكان على طلب منتجات بلاده،
لكان هذا الطلب المستمر مدعاة لا حياء صناعات ميتة، وإقامة صناعات جديدة، وتقوية مصانع لا تزال بسبب الإهمال ضعيفة. ونحن إذ ندعو للصناعة المصرية لا ندعى أننا بلغنا فيها الكمال وإنما نشعر بأننا لا نزال في أول الطريق، وان المسير ليس سهلا، وإن المهمة شاقة، ولكن هذا كله هو الذي يدعو إلى مضاعفة الجهود. ولا سبيل للنجاح الصناعي إذا لم نقبل على الموجود بين أيدينا ونغضي عن عيوبه عاملين على إصلاحها حتى نصل إلى المجد الذي ننشده. فإذا كان هذا هو أشد ما تشكو منه الصناعات المصرية فأول واجبنا وما نسعى إليه محاربة هذه الفكرة السيئة بكل ما أوتينا من وسائل، وها نحن أولاء ننشر الدعوة (١) عن طريق الصحافة التي نذكر لها الفضل الأكبر في مؤازرتنا (٢) عن طريق نشرات خاصة نوزعها في كل مكان (٣) بواسطة الإذاعة اللاسلكية وقد وجدنا في محطات الإذاعة المصرية عضدا كبيرا. وكل ما ننشده أن نصل إلى أكبر عدد من أبناء مصر المتطوعين يتألف منهم جيش الوطن الاقتصادي. فنحن نبث الدعوة للتطوع في المشروع، ولا يكلف التطوع صاحبه شيئا ماديا قط. ولكننا نطلب إليه أن يعتنق هذه الفكرة