[خيبة سراقة]
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
(وقف (سراقة) مبهوتاً في طريقه إلى غار ثور متقفياً أثر
المصطفى وصفيه الصديق. . . ساخت قوائم فرسه في
الرمال، وردته معجزة العنكبوت حيران الضلال. . .)
سراقة يحدث نفسه:
وَيلاهُ مما سَطَّرْتهُ الرمالْ ... آثارُ وَهمْ في مَغاني خَيالْ. . .
أرَكْبُ جِنٍّ حين مَلَّ السُّري ... في عالم الناس، تَوارَى ومال!
أَمْ موْكبٌ للنور أَقْدامُهُ ... خَلّفْنَ فوق الأرض رؤيا زوال!
أّمْ قافلاتُ الريح كانت هُنا ... تمشى، وألقت رَحلها في الجبال!
أَمْ حُلُمٌ مَّر، وَهذا الثرى ... وَادِي كَرىً نامت عليه الليال!
أَمْ نغم سارَ وَأَشْبَاحُهً ... مَسَسْنَ صَدْرَ البِيِد مَسَّ الظلال!
أَمْ فارس للغيب عاتي الخُطْا ... جَواده المسحور تلك التلال!
جرى عليها وَهْيَ تجري به ... كما جرى بالروح عصف الملال
سُبحان من علم أَرْساَنُه ... تخَطُّفَ الوحيِ، وَبُعْدَ المحال
هذِى هواديه، وَذا خَطْوُهُ ... زَفْزافُ ريح طاردته النمال
عدا جوادي خلفه، فانظري ... يا خَيْبتي: كيف حططنا الرحال!
قوائم ينهش منها الثرى ... ما دسه لله غدر الرجال
مغروزة في الرمل تلهو بها ... طرائد الوحش، وريح الشمال
ناحت عليها صهوة طهِّمَتْ ... وَطُعِّمَتْ باليأس قبل النضال
تذِيبُ سَاقَيَّ بأَفْوافِها ... كأنها مَحْشوَّةٌ بالنِّضال
أحَرَّ تحتي من جحيم اللظى ... وَوَخزةِ الذُّلِ، وَفَحِّ الصِّلال
كأنما قمنا بِعُرْض الْفَلاَ ... تمثالَ خزي عبقريَّ المثال
رباه ما هذا؟ جواد سرى ... أم لعنة، أم خيبة، أم ضلال!