للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ابن الرومي]

الشاعر المصور

للأستاذ عبد الرحمن شكري

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

وترى ابن الرومي بالرغم من إطالته في المدح وإكثاره فيه يذم هذه الخطة فيقول:

وإذا أمرءٌ مدح امرأً لنواله ... وأطال فيه فقد أراد هجاءه

ويقول للممدوح:

فإن الله أعلى منك جِدّاً ... ويرضيه من الحمد اليسيرُ

على أن له بالرغم من كل ذلك مقدرة كبيرة على توليد معاني المدح كما في الأبيات التي يقول فيها:

والناس تحت سماء منك مُشْمِسةٍ ... والناس تحت سماء منك مدرار

فيتتبع هذه المعاني الشائعة ويولد منها معاني أخرى، وله الأبيات التي يقول فيها:

هب الروض لا يثنى على الغيث نشره ... أمنظرة يُخْفي مآثره الحُسْنى

والتي يقول فيها:

له هيبة لم يكتسبها بكلفة ... إذا اكتسبت ذاك الوجوهُ العوابس

والتي يقول فيها:

آراؤكم ووجوهُكم وسيوفُكم ... في الحادثات إذا دَجوْنَ نجوم

والتي يقول فيها:

خِرْقٌ تَعَرَّضَتِ الدنيا له فصبا ... إلى المكارم منها لا إلى الفتن

له حريم إذا ما الجار حل به ... أضحى الزمان عليه جد مؤتمن

كأنه جنة الفردوس قد أمنت ... فيها النفوس من الروعات والحَزَنِ

ولكن أهاجيه بالرغم من ذلك أبرع وأشد أثراً، وهو فيها أكثر ابتداعاً للمعاني والخيالات، وأحياناً يسوق فيها الأخيلة الفكاهية مترادفة ويولد الذم من الذم والهجاء من الهجاء وينتشي بالهجاء ويعربد كل عربدة ويطلق لنفسه العنان كراكب الجواد الذي يطلق العنان لجواده

<<  <  ج:
ص:  >  >>