أما محادثات روما فقد فشلت فشلاً تاماً في جميع المسائل التي طرحت على بساط البحث. وكان هذا الفشل نجاحاً باهراً من وجهة نظر بريطانيا وفرنسا، لأن تلك المحادثات لا تعد ناجحة في نظرهما إلا إذا فشلت. وكل ما استفيد من هذه المحادثات هو إدراك إنكلترا أن المستقبل قاتم على رغم إظهار إيطاليا نيات سليمة، وتأكد إيطاليا من متانة التضامن الفرنسي الإنكليزي، وأنه ليس من السهل زعزعته أو الحفر تحته.
وفشل هذه المباحثات جعل جريدة (تلغرافو) ذات العلاقات الوثيقة بالكونت شيانو تصرح بأن (ليس معنى نقض إيطاليا لاتفاق ١٩٣٥ أنها تريد الحرب، بل معناه أنه يجب البحث عن اتفاق آخر. فالحكومة الفاشية لا تعارض في مباشرة مفاوضات جديدة، ولكن ذلك يعد أمراً متعذراً في الجو الحالي). وذلك الجو لم يصف منذ ذلك الحين بل تلبدت غيومه، فاشتد الجفاء، وتعاظمت حملة صحف الطرفين، مما جعل السنيور جايدا يشير إليها بقوله (إن المدافع ستطلق من تلقاء نفسها) على أن إيطاليا لم تفعل شيئاً لتحسين علاقاتها بفرنسا، بل زادت الحالة خطورة بدعوة فرق من الإيطاليين لحمل السلاح، وبحشد فرق من الجيش الإيطالي في الحبشة قرب حدود الصومال الفرنسي، مما جعل فرنسا ترسل فرقاً وبوارج حربية إلى جيبوتي. ولعل السنيور موسوليني يأمل نيل مطالبه عن طريق التهديد بالحرب، وإرهاب الرأي العام.
فهل ينجح بذلك كما نجح الهر هتلر خلال شهر سبتمبر الفائت؟ هذا ما نشك فيه.