المؤتمرات الدولية، أعلنت أن اعترافها بالحماية الفرنسية على تونس كان مقيداً باحترام حقوق الإيطاليين في البلاد التونسية. وبما أن فرنسا لم تحترم هذه الحقوق فقد أصبحت إيطاليا في حل من الاعتراف بالحماية الفرنسية. وترى أنه من الواجب على الدول الأخرى ألا تكون مقيدة بهذا الاعتراف. وقامت الصحافة الإيطالية تؤيد هذه النظرية وتمهد الرأي العام الدولي لتحبيذ عقد مؤتمر رباعي حفظاً للسلام، وحرصاً على إيجاد التفاهم بين الدول الأوربية الكبرى. فحملت حينئذ الصحافة الفرنسية على هذه النظرية وأكدت أن مثل هذا المؤتمر لن يعقد لبحث المطالب الإيطالية؛ وإن عقد فلن تشترك فيه فرنسا. وعلى أثر ذلك أخذت الصحافة الإيطالية تلفت النظر إلى أن في نية بريطانيا التوسط لتسوية النزاع الإيطالي الفرنسي. وكان السنيور موسوليني يعلق أهمية كبرى على زيارة المستر تشمبرلين للعاصمة الإيطالية؛ فخشيت الحكومة الفرنسية من أن يتمكن زعيم إيطاليا من الضرب على الوتر الحساس عند رئيس الوزارة البريطانية، ومس نقطة الضعف فيه، فيحمله على التوسط كما حمله الهر هتلر على ذلك في المسألة التشيكوسلوفاكية.
وللحيلولة دون ذلك قابل المسيو كوربان في لندن اللورد هاليفاكس، وأعلمه أن فرنسا ترى أن المطالب الإيطالية من الشؤون التي يجب أن تسوى بينها وبين إيطاليا وحدهما؛ وأن فرنسا لا توافق، وعلاقاتها سيئة مع حكومة روما، على منح إيطاليا شيئاً ما بقناة السويس. وفي ١١ يناير يوم وصول المستر تشمبرلن واللورد هاليفاكس باريس في طريقهما إلى روما نشرت جريدة (الطان) الناطقة بلسان وزارة الخارجية الفرنسية أن لا وساطة هناك، لأن فرنسا لن تسمح بأي مناقشة دولية عندما يتعلق الأمر بمصالحها الحيوية ووحدة إمبراطوريتها، وهي لن تشترك في أية مساومة رباعية أو ثلاثية في هذا الموضوع. ومن الأكيد أن بريطانيا تشارك فرنسا في وجهة نظرها، ويستطيع السنيور موسوليني أن يتحقق ذلك بنفسه، إذا رأى فائدة من مفاتحة الوزراء البريطانيين في هذا الصدد.
وقبل أن يزور المستر تشمبرلين روما زار باريس وتحدث مع وزارتها، وفي هذه الزيارة أكد المسيو دلادييه أنه لا يريد التوسط في الخلاف القائم بين روما وباريس. فكان ذلك خيبة للآمال التي كان السنيور موسوليني يعقدها على توسط المستر تشمبرلين، وصدمة للدول التي كانت تعمل على التفريق بين لندن وباريس.