لا تزال السيدة و. . . على العهد بها طاهرة القلب حاضرة اللب
ساحرة الحديث حرة الفكر، لا تختلف وهي عقيلة تدبر البيت وتدير
المزرعة، عنها حين كانت معلمة تسوس الفصل وترأس المدرسة، ولا
يزال بهوها الجميل يستقبل في مساء الخميس من كل أسبوع نفراً من
خليط الخاصة فيهم الأديب والطبيب والمحامي والجندي والفلاح
والواعظ، وكلهم إما قريب أو صديق أو صهر
والسيدة و. . . مثل صادق للمصرية الحديثة حين تراها في ثوبها الأنيق، المحكم على قدها الرشيق، تتخذ من البهو مكان القلب، فترسل الدم بالحياة والنشاط والرغبة والبهجة إلى كل عضو من أعضاء المجلس
جمال السيدة فاتن؛ ولكن جلال الحشمة فيه يكف عنه النظر الشهوان فيقف على حدّ الإعجاب به
وأدب السيدة رائع؛ ولكن روعته آتية من قوة الذكاء لا من سعة الإطلاع؛ فهي ترى الرأي في بعض معاني الأدب فتحسبه من إلتماع الذهن فيه عالي النمط، وهو في حدود الوسط
وعلم السيدة دون الكفاية؛ ولكنها ترفده بقليل من الدعوى المقبولة، فترفعه المبالغة منها والمجاملة منك إلى المستوى اللائق بالمرأة المثقفة
وذوق السيدة رفيع؛ ولكنه ذوق الأنوثة الموهوب لا ذوق الحضارة المكتسب؛ أرهفته بالقراءة، وصقلته بالمران، حتى أوشك أن يكون من خلالها الأصيلة يصدر عنه ما يصدر عن الطبع السليم من حسن الاختيار وجمال التنسيق وصحة المواءمة.
وزوج السيدة طبيب؛ ولكنه يعمل في عيادته عمل المنهوم بالعلم والمال؛ فهو لا ينفك طول يومه بين تفريق (التذاكر) وجمع النقود ثم لا يعلم من دنياه شيئاً بعد ذلك. فهي التي تدبر المنزل وتدير العزبة وتربي الأولاد وتنمي الثروة وتراجع البنك وتعامل الناس، ثم تجعل من بيتها ومكتبتها وحديقتها جنة يسكن إليها زوجها المكدود وولدها المجهود وقريبها