كان الأسبوع الماضي أسبوع المولد النبوي، على صاحبه الصلاة والسلام، فقد تعطرت النوادي بهذه الذكرى الحبيبة، وتحلت الصحف والمجلات بما نشرته فيها من الكلمات الطيبات، وأذاعت لها دار الإذاعة برنامجا حافلا استثمر أسبوعا، وقد افتتحه صاحب الفضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية واختتمه الأستاذ احمد حسن الزيات بحديث بليغ عن (بلاغة الرسول).
ولا أحب إلى من أن أبدا في هذا الأسبوع بالكتابة في هذه المناسبة الكريمة، مسجلا المظهر الرائع الذي بدا في الاحتفال بالمولد هذا العام، من حيث اتجاه الفنون الجميلة إلى الاشتراك فيه، فإلى جانب الأدب من كتابة وخطابة وشعر، نسمع المطربين يصدحون بالأغاني المؤلفة في مدح الرسول وذكرى مولده ونسمع كذلك التمثيليات الإذاعية والبرامج الخاصة ومما يلفت النظر أن الجمعيات الدينية كالشبان المسلمين والإخوان المسلمين، أدخلت التمثيل في بارمج احتفالاتها، فمثلت على بعض المسارح تمثيليات في تاريخ الصدر الأول من الإسلام. وهكذا تعاونت فنون الأدب والغناء والتمثيل على الحفاوة بمولد الرسول في هذا العام، ولا أقول إنها أكسبته جمالا وروعة، بل هي التي اتخذت منه موضوعا لإبراز جمالها الفني. . . وأي موضوع ادعى إلى الإبداع الفني من ذكرى الحبيب محمد بن عبد الله الذي انتقل حبه إلى قلوبنا على تعاقب الأجيال بتيار رسالته المشعة الهادية واي شئ اليق بالفن من الحب. . .؟
السفينة العربية:
وقد استرعى انتباهي حسن التفات الأستاذ الزيات في حديثه إلى قوله عليه السلام (إن قوما ركبوا سفينة فاقتسموا فصار لكل رجل منهم موضع فنقر رجل منهم موضعه بفاس، فقالوا: ما تصنع؟ قال: هو مكاني اصنع لا فيه ما أشاء فان اخذوا على يده نجا ونجوا، وإن تركوه هلك وهلكوا) وذلك من حيث تطبقه على دنيا الإسلام والعروبة اليوم إلى أن قال بالأستاذ: (وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بما أتاه الله من المعية الذهن وإشراق الروح كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، فضرب هذا المثل الجامعة الدول العربية لعلها تتذكر فتتدبر)