ودب بها معنى جديد، وامرعت ... بطائحها الجدباء واخضر عودها
واطلع ساقي الشعر في البيد كرمة ... منغمة يحدو الزمان نشيدها
ونادى نبي قومه: تلك واحة ... على الأفق عذراء الجنان ولودها
فما آمنت بالشعر إلا لحونه ... وران على الأرض العجوز جمودها
وقدر للدنيا الشقاء فألحدت ... وجدف غاويها، وضل رشيدها
واشرعت الأطماع فيها ضغائناً ... يجادل في معنى السلام حديدخت
وما كدر الأيام إلا ظماؤها ... وهل شاب ماء العين إلا ورودها
فلا طاب نفسا بالحياة شقيها ... ولا قر عينا بالحياة سعيدها
أنشد في دنيا الحيارى من اهتدى؟! ... أفي الحانة الحمراء ترتاد معبدا؟!
هرقت إذن - يا سادن الشعر - لحنه ... وأهدرت للغافلين نايا مسهدا
هي الأرض طبع في بنيها. ومن تكن ... جبلته الأولى ترابا تمردا
وكم ضارب فيها تعكاز تائه ... يعد من الموتى ترابا تمردا
وكانت حياة الناس لولا زحامهم ... عليها طريقا للسلام معبدا
فلا تك نجما جاوز الليل وحده ... ببيداء فأنثالت أشعته سدى
لمن شارق في الأفق أن كنت لا ترى ... وفيم هتاف الورق أن كنت جلمدا
هنالك والدنيا رواية ظالم ... إلى وقصة مظلوم، وتلفيق منتدى
وفي ليلة ظلماء ينسل برقها ... كما جردت كف الكمي المهندا
وفوق رباة يكمن الدهر عندها ... وتبصر فيها - قبل مولده - غدا
دعا ربه الشادي، وأوفى بشعره ... إلى العالم الثاني، ومد له بدا
وكف عن الأوتاد فهي نواشز ... كأعصاب محموم ألح به الصدى
وقال بنو الموتى: (لقد مات شارعر) ... وكيف يذوق الموت من كان مخلدا
بقدر شعور المرء يمتد عمره ... وفي حماة الأوهام يردى بنو الردى
وما مات شاد بالجمال، وإنما ... إلى عالم الألحان عاد كما بدا
ومن فهو الأيام لحنا مجدداً ... قرأت له الأيام لحنا مجددا
طاهر محمد أبو فاشا