هذا كتاب جيد في موضوعه. . . وليس هو كتاباً أدبياً ولا فنياً، ومع هذا نفسح له مكاناً (على هامش النقد) لأنه الكتاب الأول في هذا الموضوع، ولأنه يعالجه معالجة دقيقة واضحة، ويترجم (التعاون الثقافي بين الأقطار العربية) إلى حقائق واقعة، واقتراحات عملية، في أسلوب تقريري بسيط، يعجبني في أمثال هذه الموضوعات، وأفضله ألف مرة على الأساليب البيانية والاستعارات اللولبية، والتفاصح الذي يغيظ!
والموضوعات التي تناولها المؤلف الفاضل في كتابه حين تستعرض استعراضاً سريعاً تكفي لبيان اتجاهاته، وقد جاءت في الكتاب بهذا الترتيب:
(بين التعاون والتوحيد. الطغيان الثقافي. ليس التعاون بدعة. التعاون أداة تقدم. الشعوب العربية المتعاونة وموقف التعاون من الغرب. ميادين التعاون الثقافي. المناهج: الأهداف والاتجاهات العامة، أقسام الدراسة وأنواعها ومراحلها وشهاداتها، مواد الدراسة في مختلف المراحل والسنوات. تحضير المعلمين. الكتاب، مجلة للصغار، وسائل الإيضاح. تنظيم المعادلات بين الشهادات: المعادلات مع الخارج، البكالوريا العربية. البعثات العلمية: تبادل البعثات بين الأقطار العربية. تبادل الأساتذة: الأساتذة الزائرون، الخبراء الفنيون. المجامع اللغوية والعلمية: الخمسون المخلدون، المعجم الجديد، المصطلحات العلمية، تتويج روائع العلم، إصلاح الحروف العربية، الموسوعة العربية. المدارس والجامعات. المكتبات العامة. التأليف والترجمة والنشر).
عالج المؤلف الفاضل هذه الموضوعات كلها بروح عملية، لا تشط في الخيال، ولا تقف مكتوفة اليدين أمام العقبات. ومن هنا قيمة الكتاب. فلقد استحال هذا التعاون المنشود حقيقة عملية في حيز الإمكان. وأحسب أن الشرق العربي سيتلفت ليجد أمامه الوسائل ميسرة لتحقيق هذا التعاون؛ وسيجد منها الكثير بين يديه حاضراً مهيئاً، والبقية ليست عنه ببعيدة.