في مصر اليوم حركة ظاهرة ونشاط ملموس من جانب المهتمين بالدراسات النفسية.
ولدراسة علم النفس مكانتها في العصر الحديث ولقد فطنا في مصر أخيراً إلى هذا، فصار عندنا علماء أفاضل يعملون على نشر علم النفس ودراسته بالأساليب الحديثة والوسائل العلمية.
والكتاب الذي أعرض له الآن، هو للدكتور أبو مدين الشافعي مدرس علم النفس بكلية الآداب، وهو نتيجة دراسات طويلة وتجارب كثيرة وعمل متصل في هذا الباب. ولذا استوفى الكتاب جانب العرض النظري للافكار المتعلقة بالإرادة والأفعال الإنسانية وفكرة الجبر والاختيار، كما أنه شمل كثيراً من التجارب الدقيقة التي استفاد الدكتور من إجرائها إيماه الشخصي بالعمل الذي يؤديه والنتائج التي قول بها غير معتمد في هذا على الأعمال التي انتهى بها مؤلفوا الغرب وعلماؤه إلا من ناحية التوجيه والأسلوب فحسب. ولذلك كثيراً ما تراه يخالف الرأي الذي يذهبون إليه ويجمعون عليه خصوصاً وأنه في دراسته إنما يهتم بالشخصية المصرية التي لها من الظروف والأحوال ما يختلف اختلافاً كبيراً عن سواها.
والذي يدلك على أن الدكتور يقدم إليك مادة استوفى بحثها واستكمل أداتها هو أنه قد تخصص في هذا الموضوع بالذات. فله كتاب سابق هو كتاب الانتباه الإرادي وكتاب آخر باسم التعب. فدراسته ليست مرتجلة، بل هي نتيجة تخصص وعناية طويلة بالموضوع. وهذا يظهر لك من قوله: (يمكن عد الانتباه الإرادي أهم ركن للفعل الإداري، إذاً فدراسة الانتباه هي المقدمة الضرورية لدراسة هذا الفعل.
فهو إذاً قد نظم عمله بحيث بدأ بدراسة الانتباه ليخصل في النهاية إلى دراسة الفعل الإرادي نفسه. وهو لا يدرسه نظريا على الطريقة القديمة، وإنما يعمد إلى التجارب فيستمد منها الدليل على الخطوات التي يخطوها في هذا السبيل. ولذلك كان عمله متصلاً بجسم الإنسان ونفسه معا بحسبانهما وحدة لا يمكن أن يدرس منها جانب على انفراد. (وليمكن الوقوف على هذه المرحلة من الفعل الإرادي لابد من إلقاء نظرة على أسسه البيولوجية لنوضح